ثلاثٌ، وَهُوَ أبعد الْأَقْوَال. ثمَّ كفله عمُّه أَبُو طَالب بعد وَفَاة عبد المطَّلب، وَكَانَ بِهِ رَفِيقًا، وَكَانَ يُحبّه حُبًَّا شَدِيدا لَا يُحبّه وَلَدَه، وَكَانَ لَا ينَام إلاّ إِلَى جَنبه، ويخرجُ فَيخرج مَعَه، وَكَانَ يَخصّه بِالطَّعَامِ، وَكَانَ إِذا أكل عِيالُ أبي طَالب فُرادى أَو جَمِيعًا لم يَشبعوا، وَإِذا أكل مَعَهم رَسُول الله [ﷺ] شبِعوا، فَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يُغدِّيهم أَو / ٥ ظ. يُعشِّيهم يَقُول: كَمَا أَنْتُم حَتَّى يَأْتِي ابْني، فَيَأْتِي رَسُول الله [ﷺ] فيأكل مَعَهم. فيَفصِلون من طعامهم، وَكَانَ الصّبيان يُصْبِحُونَ شعثًا رُمْصًَا، ويَصبح رَسُول الله [ﷺ] دَهينًا كحيلًا، وطهّره الله من دَنَس الْجَاهِلِيَّة، وَمن كل عَيبٍ، فَلم يعظّم لَهُم صَنَمًا قطُّ، وَلم يحضر مَشهدًا من مَشاهد كفرِهم، وَكَانُوا يطلبونه لذَلِك فَيمْتَنع ويعصمه الله تَعَالَى من ذَلِك. وَكَانَ يُعرَفُ فِي قومه بالأَمين، لِما شاهدوه من أَمانته وصِدْق طَهَارَته، وَصِفَاته العَليّة [ﷺ]
خُرُوج النبيّ [ﷺ] إِلَى الشَّام ثمَّ شهودُه بُنْيَانَ الْكَعْبَة
لمّا بلغ النبيُّ [ﷺ] اثْنَتَيْ عشرَة سنة وشهرين وَعشرَة أَيَّام، وَقيل: تسعَ سِنِين. خرج مَعَ عمّه أبي طَالب إِلَى الشَّام حَتَّى بلغ بُصْرى فَرَآهُ بَحيري الرَّاهبُ فَعرفهُ بصفتِه فجاءَ وأخذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: هَذَا سيّد الْعَالمين، هَذَا رَسُول
1 / 29