بسم الله الرحمن الرحيم
قال السيد العلامة صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير: المقدمة الثانية فيما لا يسع طالب الحديث جهله من علومه واصطلاحات أهله، وبيان مذهبنا فيه مع زيادات فوائد وقواعد، يحتاج إليها الشيعي العدلي، ويناضل بها الخصوم في المقام الجدلي.
وقد اعتمدت في جمهور ذلك على ما ذكره مولانا عز الدين محمد بن إبراهيم في (( مختصر نخبة الفكر ))، وفي كتابه (( تنقيح الأنظار في علوم الآثار )).
وطريقي في كتب علوم الحديث مثل كتاب (( علوم الحديث )) للحافظ ابن الصلاح، وكتاب (( نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر )) وشرحها(1) لمؤلفها الحافظ ابن حجر، قراءة لجميعها على حي والدي رحمه الله بعد قراءة تقدمت مني لبعضها وإجازة في بعض على الشيخ العالم المعروف بالغزولي(2)، القادم إلى صنعاء في نيف وستين وثمانمائة، بقراءته على الحافظ ابن حجر.
وفي كتاب (( مختصر النخبة ))، وكتاب (( التنقيح )) المذكورين قرأتهما على والدي رحمه الله، وهو يرويهما عن مصنفهما رحمه الله تعالى.
وأنا أسأل الله الإعانة والتوفيق والسلامة من وعثاء هذه الطريق فأقول:
علوم الحديث: هي القواعد التي تعرف بها أحوال الحديث وأحوال رواته، ومايتصل بذلك.
[أقسام الحديث]
[القسم الأول المعلوم]
ثم الحديث إما أن تعلم صحته ب:
صفحہ 1
* كثرة رواته، كحديث الغدير، والمنزلة، وقتل عمار، وإمامة الحسنين، فهو: (المتواتر)، وهو ضروري عند أئمتنا والجمهور، خلافا للبغدادية(1)، والملاحمية(2)، وبعض الأشعرية، وتوقف الموسوي(3) والآمدي(4). ولا تنحصر تلك الكثرة في عدد مخصوص، وأقلها خمسة في الأصح(5).
* أو بقرائن تنضم إليه، كالإخبار لملك بموت ولد له مدنف(6) مع صراخ وانتهاك حريم، ونحو ذلك، فهو: (المعلوم بالقرائن)، وأنكره الجمهور ويعز وجوده في الشرع، وقيل: بل يعدم.
* أو بالنظر وهو ما حكم بصحته المعصوم كالأمة أو العترة، فهو: (المتلقى بالقبول)، ومختار أكثر أئمتنا وبعض الأصوليين والمحدثين أنه معلوم كالمتواتر، لا مظنون، خلافا للجمهور ولبعض المتأخرين من علمائنا، وقال أبو طالب: معلوم في ابتداء الأحكام، ولا ينسخ به المعلوم، وعليه يحمل إطلاق الأولين.
[القسم الثاني المظنون]
وإن لم تعلم صحته فهو: الأحادي، وقد يظن صدقه، كخبر العدل ، أو كذبه كخبر الكذاب، أو يشك كالمجهول.
صفحہ 2
والعمل به(1) واجب؛ لحسن العمل بالظن عقلا. ولإجماع الصحابة المعلوم. ولإرساله صلى الله عليه وآله وسلم الآحاد، وتقريره المسلمين على قبوله. ولأن من رده من الإمامية والبغدادية والظاهرية والخوارج تمسكوا في رده بالظن، وإنما فروا منه(2).
ويعمل به في العملي مطلقا، لا في العلمي كالمسائل الإلهية، ولا في العملية العلمية كأصول الشرائع، إلا مؤكدا(3)، خلافا لبعض المحدثين والبكرية، فإن خالفهما(4) رد، إلا أن يمكن تأويله. واتفقوا على وجوب العمل به في الفتوى والشهادة.
صفحہ 3
فإن رواه فوق اثنين فهو: (المشهور والمستفيض)، أو الإثنان فهو: (العزيز)، أو الواحد فهو: (الغريب)(1)، فإن لم يوافقه غيره فهو: الفرد المطلق(2)، كمس الذكر(3)، وإلا فهو: الفرد النسبي(4)، وإن وافقه(5) غيره فهو: المتابع، وإن وجد متن يشبهه فهو: الشاهد، وتتبع الطرق لذلك(6) هو الإعتبار(7).
[الصحيح]
ثم الصحيح من الآحادي عند من لا يقبل المرسل : ما نقله مكلف عدل تام الضبط، متصل السند، غير معل بعلة قادحه.
والصحيح عند قابليه: ما نقله مكلف عدل غير مغفل، ولا قابل لمجهول، أو نحوه، بصيغة الجزم(8).
صفحہ 4
والظاهر في صيغتي التمريض والبلاغ ونحوهما الإرسال(1)، وهي صيغة مالم يسم فاعله، كيروي ويذكر وروي.
ويتفاوت الصحيح بتفاوت صفاته(2)، ومن ثم قدم جمهور أصحابنا أحاديث الأمالي(3)، والجامعين(4)، وجامع آل محمد(5) ونحوها من كتبنا، وقدم الفقهاء البخاري ثم مسلم من كتبهم ونحوهما، عملا بالغالب عند الجهل، وإن كان في ذلك ما ينزل عن الصحة عند المحدثين.
[الحسن]
فإن خف الضبط وكان له من جنسه تابع أو شاهد فهو: الحسن، وأدلة قبول الآحاد تشمله، وإن انفرد (6) عند أئمتنا والجمهور، خلافا للبخاري وإن توبع. وبكثرة طرقه يصح عند المجتهد(7).
[الضعيف]
ومالم يجتمع فيه صفات أيهما(8) فهو: الضعيف.
صفحہ 5
[أحكام أخرى تتعلق بالحديث المقبول] فإن وصف الحديث بالصحة والحسن معا، فقيل: باعتبار إسنادين. وقيل: باعتبار اللغة والعرف. وقيل غير ذلك.
وإن وصف بالغرابة والحسن فباعتبار رجال الإسناد، مثل أن يسند الحديث غير واحد بإسناد حسن إلى أحد الحفاظ، لكن ذلك الحافظ ومن فوقه تفرد به، فهو عنه إلى أسفل حسن غير غريب، ومنه إلى فوق حسن غريب.
وزيادة رواة الصحيح والحسن مقبولة، مالم تقع منافية لرواية من هو أوثق منه، أو معلة.
والمختار وفاقا للجمهور إمكان التصحيح في الأزمنة المتأخرة لمن قويت معرفته، خلافا لابن الصلاح.
فإن خولف الراوي في روايته مع القوة(1) فالراجح هو: المحفوظ، والمرجوح هو: الشاذ، ومع الضعف الراجح هو المعروف، ومقابله هو المنكر.
فأما اضطراب المتن، فغير قادح، كحديث الصوم (2) المروي عن عبدالله بن عمر، فإنه مضطرب المتن لا السند.
ثم المقبول إن سلم من المعارضة فهو: المحكم وغالبه: نص جلي، وظاهر، ومفهوم لم تعارض.
وإن عورض وأمكن الجمع(3) فهو: (مختلف الحديث)(4)، وتعرف كيفيته بأصول الفقه.
صفحہ 6
وإن لم يمكن وعلم التاريخ فهو: (الناسخ والمنسوخ)، ولأئمتنا وغيرهم فيه مصنفات، ومن أحسن ما صنف فيه: كتاب الحازمي(1).
وإلا فالترجيح إن أمكن، وإلا فالوقف.
[المردود]
* والمردود قد يكون كذبه معلوما عقلا ضرورة كمخالف قضية العقل المبتوتة الضرورية، كقبح الظلم، وحسن شكر المنعم واستدلالا(2) كمخالفة قضية العقل المبتوتة الإستدلالية، كخبر قضى بتشبيه أو تجوير، ولم يقبل تأويلا، وبذلك يعلم أنه من وضع الحشوية.
وليس من ذلك بعض أحاديث الصفات الثابتة بنقل الثقات في كتب الجميع، لإمكان تأويلها على الأصح. ولا ما تعم به البلوى(3) كمس الذكر، خلافا لبعض الحنفية. فأما مخالف قضية العقل المشروطة(4) كذبح البهائم فمقبول.
أو سمعا ضرورة كمخالف أصول الشرائع، أو استدلالا كمخالف الإجماعين(5).
صفحہ 7
* جمهور المحدثين والظاهريه: ويرد ما سقط إسناده أو بعض منه. ثم الساقط إن كان واحدا من أوله فهو:(المعلق) وقبل أكثرهم تعاليق الصحيحين المجزومة(1)، وردها الأقلون. أو من آخره فهو: (المرسل). أو مما بينهما فإن كان اثنين مع التوالي فهو: (المعضل)، وإلا فهو: (المنقطع)، ومدرك واضحه عدم التلاقي ومعرفته(2) ثمرة تاريخ الوفيات . ومدرك خفيه العنعنة من المدلس(3). ورواية المتعاصرين بعضهم من بعض من غير لقاء، ولذلك اشترط البخاري تحقق اللقاء ولو مرة، واكتفى مسلم بعد العلم بانتفائه.
أئمتنا والحنفية والمالكية: بل يقبل مطلقا، إذ هو إرسال سواء سقط الإسناد أو بعض منه في أي موضع، وأدلة قبول الآحاد تشمله، ويحمل راويه على السلامة. المنصور: ولمشاركته للمسند في علة القبول وهي: العدالة والضبط.
* وقد يرد الحديث للطعن فيه بكذب الراوي في غير ما روى، بإقراره، أو بالقرائن عامدا، وهو: (الموضوع)، وقد يطلق على غير العمد.
وأسبابه: الإلحاد في الدين، أو تقرب إلى سلطان، أو انتصار لمذهب، أو ترغيب، أو ترهيب، أو رواية بما يتوهم أنه المعنى، أو نحو ذلك.
* وقد يرد لتهمة الراوي، وهو: (المتروك)، أو لفحش غلطه أو غفلته، وهو: (المنكر) على رأي. أو لوهمه مع ثقته، فإن اطلع عليه بالقرائن وجمع الطرق فهو: (المعل)، وهو جنس يدخل تحته: الشاذ، والمنكر، والمضطرب، ويشبهه ما ترده الحنفية بعدم شهرته مع عموم البلوى به، لكنه يصير كالمعل من غير بحث. ومنه عند أصحابنا ما خالف مذهب الوصي الثابت بنقل صحيح.
صفحہ 8
* وقد يرد بالمخالفة، فإن كانت بتغيير السياق، مثل أن يذكر رجلا لم يذكر في الإسناد في موضع رجل أسقطه من أهل الإسناد، إما لأنه عرض ذكر ذلك الرجل المذكور بدلا عن الساقط في طرق الحديث، أو في حديث اشترك جماعة في روايته بالجملة، وتفرد كل منهم بأمر، أو يكون بينهم اختلاف فيمن رووا عنه، أو نحو ذلك، فهو: (مدرج الإسناد)، أو بإدراج موقوف بمرفوع، فهو: (مدرج المتن)، أو بتقديم وتأخير، فهو: (المقلوب)، أو بزيادة راو فهو: (المزيد في متصل الأسانيد)، أو بتغيير حرف مع بقاء السياق فهو: (المصحف المحرف).
فأما الرد بمجرد مخالفة الراوي في المذهب فمردود، وهو في القدماء ومقلدي المتأخرين كثير، سيما فيما يخالف مذاهب أئمتهم.
وذكر الخبر كاملا أولى، وحذف بعضه لغير استهانة جائز، وفاقا لمن أجاز الرواية بالمعنى، وقيل: ممتنع، إلا أن يرويه مرة أخرى بتمامه، فإن تطرق إليه التهمة في اضظراب نقله، أو تعلق المحذوف بالمذكور تعلقا يغير معناه امتنع الحذف، كالإستثناء والغاية.
أئمتنا والجمهور: تجوز الرواية بالمعنى لمن يعلم مدلول الألفاظ ومقاصدها، وما يخل بمعانيها، خلافا لبعض السلف والمحدثين والظاهرية، وقيل: تجوز لمن نسي اللفظ.
ومتى خفي المعنى احتيج إلى بيانه، ويسمى ب:شرح الغريب، وبيان المشكل، ومن أحسن موضوعاته: (( الفايق )) و(( النهاية )) (1).
صفحہ 9
* د يرد بجهالة الراوي، وهو: إما مجهول العدالة، ورده أئمتنا إلا مجهول العترة، والجمهور إلا مجهول الصحابة، المنصور: أو التابعين.
وقبله المرادي(1)، وابن زيد(2)، والقاضي في (( العمد )) (3)، والحنفية، وابن فورك(4)، وغيرهم مطلقا، وهو أحد احتمالي أبي طالب، وأحد قولي المنصور بالله.
ومبنى الخلاف على أن الأصل هل هو الفسق، أو العدالة، والظاهر أنه الفسق،لأنه أكثر، ولطرو العدالة.
وإما مجهول الضبط، فلا يقبل.
صفحہ 10
وإما مجهول الاسم أو النسب فيقبلان على الأصح، وللمحدثين في الجهالة اصطلاح آخر، وأسباب يذكرونها، منها: أن تكثر نعوت الراوي فيذكر بغير ما اشتهر به لغرض، وصنفوا فيه: (الموضح)(1)، أو يكون مقلا فلا يكثر الأخذ عنه، وفيه: (الوحدان)(2)، أو لايسمى إختصارا وفيه: (المبهمات)، ولا يقبلون التوثيق المبهم، ولو بلفظ التعديل، وهو مقتضى قول من منع المرسل.
فإن سمى المجهول وانفرد عنه واحد، فمجهول العين، فلا يقبلونه. والمختار وفاقا للأصوليين : قبوله إذا وثق، فإن روى عنه اثنان فصاعدا ولم يوثق فمجهول الحال، وهو: المستور.
* وقد يرد المسلم بارتكاب الكبائر تصريحا، وهو إجماع، وشذ من قبل الصدوق منهم، بناء على أن الكبيرة مظنة تهمة لا سلب أهليه.
* وقد يرد بكون مساويه أكثر من محاسنه، وإن اجتنب الكبائر.
* وقد يرد بالبدعة، الإمام الداعي(3): وهي إحداث مالم يثبت بدليل عقلي أو شرعي.
وقد تكون بمكفر كالتشبيه، ومختار بعض أئمتنا الأصوليين وجمهور الفقهاء: قبول المبتدع بذلك، خلافا لجمهور أئمتنا والمعتزلة والمحدثين. وعن القاسم والهادي روايتان، وللمؤيد قولان، أظهرهما القبول.
صفحہ 11
وقد تكون بمفسق كالبغي مع التأويل مثل الخوارج، وفيه القولان المتقدمان، والمختار قبوله إلا فيما يقوي بدعته، ولو داعية خلافا للمحدثين، ويستثنى من كفار التأويل وفساقه عند قابليهم من يجوز الكذب، إن لم يقل بكفره وفسقه صريحا كالسالمية(1) والكرامية(2) والخطابية(3).
ولا يقبل من أظهر التأويل وأقواله وأفعاله تدل على تعمد مخالفة الحق، كبعض البغاة على الوصي عليه السلام.
وقد يكون بغيرهما(4) كالإرجاء ، وتفضيل الأنبياء على الملائكة.
ويقبل المبتدع بذلك، قيل: إجماعا.
وكذا من أتى مظنونا من الفروع المختلف فيها مجتهدا أو مقلدا كشرب مالا يسكر من النبيذ.
* وقد يرد بسوء الحفظ، فإن كان لازما فهو ضعيف، ومنهم من يعرفه بالشاذ.
ومتى كان خطاء سيء الحفظ [خطؤه] أكثر من صوابه رد عند أئمتنا والأصوليين، وإن استويا قبل عند القاضي وابن زيد والشافعية، إلا أن يعلم سهوه فيه، والمختار رده. وقال المنصور بالله والإمام يحيى وابن أبان(5): محل اجتهاد. ورده المحدثون مطلقا.
صفحہ 12
وإن كان سوء الحفظ طاريا فهو: المختلط. قال المحدثون: وإذا توبع سيء الحفظ والمستور والمرسل والمدلس بمعتبر صار حديثهم حسنا بالمجموع.
ثم الإسناد إما أن ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم تصريحا أو حكما، من قوله أو فعله أو تقريره فهو: (المرفوع)، أو إلى صحابي كذلك فهو: (الموقوف)، ويسمى كل منهما: المتصل والموصول.
[الكلام على الصحابة]
أئمتنا والمعتزلة: والصحابي: من طالت مجالسته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم متبعا له. ابن زيد: مع الرواية. قيل: ولم يخالفه بعد موته.
المحدثون والفقهاء: من اجتمع به مؤمنا، للعمومات الواردة فيهم قرآنا وسنة. ولا يفيدهم عندنا تعميما، إذ هي مخصوصة قطعا باتفاق الجميع بخروج الخوارج ونحوهم ممن وقع الإجماع على ضلاله. قالوا: وإن لم تطل مجالسته ولم يرو. ابن المسيب(1) : من أقام معه سنة أو سنتين، وغزا معه غزوة أو غزوتين.
ومن ثمرات الخلاف معرفة فضل الصحابي، وغلبة الظن بصدقه، وانقراض العصر، والإتفاق على قبول مرسله.
أئمتنا والمعتزلة: وهم عدول إلا من ظهر فسقه، كمن قاتل الوصي عليه السلام ولم يتب.
جمهور المحدثين والفقهاء: عدول مطلقا، وما شجر بينهم فمبناه على الاجتهاد. وقيل: إلى وقت الفتنة(2) فلا يقبل الداخلون فيها؛ لأن الفاسق غير معين.
وقد تاب الناكثون على الأصح، لا القاسطون، وبعض المارقين، فأما المتوقفون عنه(3) فلا يفسقون في الأصح، وإن قطع بخطئهم، وفي فسق قتلة عثمان وخذلته خلاف.
صفحہ 13
ثم الطريق إلى معرفة الصحابة: إما علمية، وهي: التواتر كما في كثير من أكابر الصحابة، وأصاغرهم، أو ظنية وهي: الآحاد، ولو من جهته على الأصح.
وإن انتهى الإسناد إلى التابعي كذلك من قوله أو فعله فهو: (المقطوع). ومن دون التابعي فيه مثله(1)، ويقال للآخرين: الأثر.
والمسند: مرفوع صحابي بسند ظاهر الإتصال، فإن قل عدده فإما أن يكون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو: (العلو المطلق)، أو إلى إمام ذي صفة علية كالصادق عليه السلام وشعبة فهو: (العلو النسبي)، وكلاهما مقصود مهم.
وفيه(2): (الموافقة)، وهي: الوصول إلى شيخ أحد المصنفين من غير طريقه.
و(البدل) وهو: الوصول إلى شيخ شيخه كذلك.
و(المساواة) وهي: استواء عدد الإسناد من الراوي إلى آخره، مع إسناد أحد المصنفين.
و(المصافحة) وهي: الاستواء مع تلميذ ذلك المصنف.
ويقابل العلو بأقسامه: النزول.
فإن شارك الراوي من روى عنه في السن واللقى فهو: (الأقران).
فإن روى كل منهما عن الآخر ف (المدبج).
وإن روى عمن دونه ف (الأكابر) عن الأصاغر، ومنه الآباء عن الأبناء، وفي عكسه كثرة، ومنه من روى عن أبيه عن جده كزيد بن علي (ع) وغيره من أئمتنا.
وإن اشترك اثنان عن شيخ وتقدم موت أحدهما فهو: (السابق واللاحق).
وإن روى عن اثنين متفقي الاسم ولم يتميزا فباختصاصه بأحدهما يتبين المهمل.
صفحہ 14
وإن أنكر الأصل رواية الفرع فالمختار وفاقا للجمهور: أن ذلك لا يقدح في قبولها مطلقا، كموته وجنونه. بعض المحدثين والحنفية: يقدح مطلقا. الشيخ الحسن الرصاص(1): إن أنكرها ولم يدع العلم بعدمها قبلت، وإن أدعى العلم بعدمها تعارضتا. الإمام يحيى والحفيد(2): محل اجتهاد.
ولخوف النسيان من الفرع، والجحود من الأصل، كره قوم الرواية عن الأحياء، وفيه: (من حدث ونسي)(3). وإذا اجتمعا(4) في شهادة لم ترد إتفاقا.
وإذا اتفق الرواة في صيغ الأداء من قول أو فعل أو غيرهما من الحالات فهو: (المسلسل).
وصيغ الأداء من الصحابي ست(5) وهي:
1 سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو أخبرني، أو حدثني، أو نحو ذلك مما لا يتطرق إليه احتمال واسطة، وهو واجب القبول إتفاقا.
2 ثم: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحوه، أئمتنا والجمهور: والظاهر سماعه منه بلا واسطة، ويحتملها خلافا لبعض الفقهاء والأشعرية.
صفحہ 15
3 ثم: أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكذا، أو نهى عنه. أئمتنا والجمهور: الظاهر سماعه منه بلا واسطة، ويحتملها خلافا للقاضي(1). الشيخ [الحسن]: يحمل على ثبوته عنده بدليل قاطع من سماع أو تواتر(2). فأما إذا قال: أمرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكذا، أو نهانا عنه مع ذكر المفعول، فذلك أظهر في سماعه منه صلى الله عليه وآله وسلم، وفي كونه حجة. وقال داود(3): ليس بحجة حتى ينقل لفظه صلى الله عليه وآله وسلم . فأما قول التابعي: أمرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمرسل.
4 ثم: أمرنا بكذا أو نهينا عنه. أئمتنا والجمهور: وهو حجة من نوع المرفوع المسند، لظهوره في أنه صلى الله عليه وآله وسلم هو الآمر الناهي، خلافا لبعض المحدثين والحنفية، لاحتمال أن يكون الآمر غيره من أكابر الصحابة، وفي التابعي وجهان. وكذا أجب أو حرم ونحوهما من صيغ مالم يسم فاعله. المنصور: كذلك بشرط أن لا يكون للاجتهاد في ذلك مسرح. الحفيد وغيره: إن كان الصحابي من الأكابر كالعشرة فهو صلى الله عليه وآله وسلم الآمر والناهي(4)، وإن كان من غيرهم فيحتمل.
الإمام يحيى: إن كان بعد وفاته فكذلك(5)، وإن كان في حياته فهو الآمر صلى الله عليه وآله وسلم.
صفحہ 16
5 ثم: من السنة كذا، أو: السنة جارية بكذا. أئمتنا والجمهور: وهو كذلك خلافا للكرخي(1) والصيرفي(2)، ولا فرق بين أن يقول ذلك في حياته صلى الله عليه وآله وسلم أو بعد وفاته. الحفيد: يعتبر فيه ما تقدم(3). وكذا التابعي إذا أطلق(4). وقيل: موقوف(5)، وهو أخير قولي الشافعي(6).
6 ثم: كنا نفعل، أو كانوا يفعلون، وهو حجة كذلك، خلافا لبعض المحدثين والحنفية، لظهور قوله: كنا. في أنهم فعلوه في زمانه صلى الله عليه وآله وسلم، واطلع عليه ولم ينكر، فهو من نوع المرفوع، ولاحتمال قوله: كانوا يفعلون. لذلك(7)، وللإجماع بعده صلى الله عليه وآله وسلم. المنصور والحفيد: لا فرق بين كنا وكانوا، لاحتمالهما لذلك وللإجماع. وقيل: هما حجة لظهورهما في عمل الجماعة، فهما من الإجماع المنقول بالآحاد. وقول التابعي: كانوا يفعلون. يدل على فعل بعض الأمة لا كلهم إلا أن يصرح بذلك.
صفحہ 17
7 ثم: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. أئمتنا والجمهور: وهو من الإسناد المتصل؛ لأن الظاهر سماعهم منه بلا واسطة. أئمتنا : ويحتملها فيكون من المرسل. الإمام يحيى: بل مرسل إذ العنعنة تقتضي الواسطة. المحدثون: فأما غير الصحابي فعنعنته من المتصل، بشرط سلامته من التدليس، وملاقاته لمن روى عنه بها(1)، واتفق جمهورهم على رد عنعنة المدلس. الحنفية: وإذا ذكر حكما طريقه التوقيف كالمقدرات والأبدال(2)، والحدود، حمل على ذلك(3). أئمتنا والقاضي وأبو الحسين(4): إلا أن يكون للاجتهاد فيه مسرح، فيحمل عليه. بعض المحدثين: ومطلق تفسيره(5) موقوف. وقال بعضهم: إن كان متعلقا بسبب النزول فهو في حكم المرفوع، وإلا فموقوف.
وإذا روى خبرا فإن كان نصا وخالفه تعين نسخه عنده، والمختار العمل بالنص غالبا(6). وإن كان ظاهرا وحمله على غيره(7) فالمختار وفاقا للجمهور : حمله على الظاهر غالبا(8). وفيه قال الشافعي: كيف أترك الحديث لقول من لو عاصرته لحججته؟! وقيل: بل يحمل على تأويله. الإمام يحيى: محل اجتهاد. وإن كان مجملا ك(( قرء )) وحمله على أحد محمليه، فالظاهر حمله عليه بقرينة.
وصيغ الأداء من غير الصاحبي خمس وهي:
صفحہ 18
1 قراءة الشيخ، وهي أقواها على المختار، فإن قصد إسماعه وحده أو مع غيره فله أن يقول: حدثني، وأخبرني، وحدثنا، وأخبرنا، وقال لي، وسمعته. وإن لم يقصد ذلك لم يجز، بل يقول: حدث، وأخبر، وسمعته.
2 ثم قراءة الراوي عليه من غير نكير، ولا مايوجب سكوتا من المقدرات المانعة من الإنكار، ويسمى عرضا وتسميعا. ولا يكون بقراءة لحان ولا مصحف، ورجحها أبو حنيفة ومالك على الأولى، وقيل: سواء. وتصح الرواية بها، خلافا لبعض الظاهرية، لاقتضاء العرف أن سكوته عند ذلك تقرير، فيقول: حدثنا، وأخبرنا مقيدا بقراءتي عليه. ومطلقا أيضا، وفاقا للفقهاء الأربعة، وقيل: يمتنع. واختاره الإمام يحيى إلا لقرينة تدل على إرادة التقييد.
3 ثم قراءة غيره ، وهي كقراءته مع اعتبار ما تقدم.
4 ثم الإجازة وهي أنواع:
(أ) المشافهة: وتختص بالمتلفظ بها، كقولك للموجود المعين: أجزت لك كتاب كذا، أو ما صح لك من مسموعاتي ومستجازاتي. وجوزها أئمتنا والجمهور، خلافا لأبي حنيفة وغيره، فيقول: حدثني، وأخبرني إجازة. مقيدا لا مطلقا، ومنعها قوم، فأما أنبأني فجائز بالاتفاق، ولغلبته في الإجازة عرفا، وكذا العنعنة في عرف من تأخر من المحدثين، وفي جوازها(1) لجميع الموجودين وللمعدوم، كمن يوجد من نسل فلان خلاف.
(ب) والمناولة: وأعلى صورها مناولة الشيخ طالب العلم كتابا من سماعه أو مما قوبل عليه، مع قوله: هذا من سماعي أو روايتي عن فلان فاروه عني. فيجوز له الرواية والعمل، ودونه ما يسمونه عرض المناولة، وهي أن يأتي الطالب بكتاب الشيخ أو بما قوبل عليه فيعرضه على الشيخ فيتأمله ثم يناوله الطالب، ويقول: هو روايتي عن فلان فاروه عني، فيجوزان(2) على الأصح، لكن مع التقييد بقوله: مناولة.
صفحہ 19
(ج) والمكاتبة: وهي قوله: ارو عني ما كتبته إليك، أو يكتب ذلك إليه، وهو يعرف خطه، والمختار وفاقا للجمهور : جواز الرواية والعمل بها، فيقول: حدثني وأخبرني كتابة. مقيدا لا مطلقا في الأصح، وتمتنع على الأصح رواية كتاب بمجرد إعلام الشيخ بسماعه له من دون الأمر بالرواية عنه، أو بالنقل منه، أو إجازة أو مناولة أو كتابة إذا لم يسلط عليها ويجوز العمل.
5 ثم الوجادة: وهي ما يؤخذ من العلم من صحيفة من غير سماع، ولا إجازة أو نحوها، مثل أن يجد بخط نفسه أو شيخه أو من أدركه من الثقات، أو بخط قال له الثقة: هو خط فلان، سمعت كذا عن فلان. أئمتنا والجمهور: فيجوز له العمل والرواية بغير ما يوهم السماع. المالكية وجمهور المحدثين: يمتنعان. الشافعي والإمام يحيى والجويني وغيرهم: يجوز العمل لا الرواية. ودليل جواز العمل بالإجازة والوجادة: إرساله صلى الله عليه وآله وسلم بكتبه إلى البلدان القاصية، مع دعوى الإجماع في الوجادة.
وطرق الرواية المقبولة والمردودة والمختلف فيها أربع:
فالمقبولة اثنتان: الأولى: أن يعلم قراءة شيخه له أو قراءته(1) عليه، ويذكر ألفاظها ووقتها، فيجوز له العمل والرواية، وهي أقواهما.
الثانية: أن يعلمها جملة من غير تذكر ألفاظها وتحقق وقتها، فيجوزان له.
والمردودة: أن يعلم أو يظن أنه ما سمع، أو شك في ذلك، فلا يجوزان.
والمختلف فيها: أن يظن السماع ولا يعلمه، فمنعهما: أبو طالب، وأبو حنيفة، وجوزهما: الشافعي، وأبو يوسف(2)، ومحمد(3)، وقال الإمام يحيى والحفيد: يجوز العمل دونها.
والمتأخر في العرف: من كان بعد ثلاثمائة سنة من الهجرة، والمتقدم: ضده.
صفحہ 20