المختصر في أخبار البشر

ابو الفداء d. 732 AH
131

المختصر في أخبار البشر

المختصر في أخبار البشر

ناشر

المطبعة الحسينية المصرية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اصناف

تاریخ
إلى خيبر، وحاصرهم وأخذ الأموال، وفتحها حصنًا حصنًا، فأول ما فُتح، حصن ناعم، ثم افتتح حصن القموص، وأصاب رسول الله ﷺ منهما سبايا، منهن صفية بنت كبيرهم، حيي بن أخطب، فتزوجها رسول الله ﷺ وجعل عتقها صداقها، وهي من خواصه ﵇، ثم افتتح حصن المصعب، وما كان بخيبر حصن أكثر طعامًا وودكًا منه، ثم انتهى إِلى الوطيح والسلالم، وكانا آخر حصون خيبر افتتاحًا. وروي أنّ رسول الله ﷺ، ربما كانت تأخذه الشقيقة فيلبث اليوم واليومين لا يخرج، فلما نزل خيبر أخذته، فأخذ أبو بكر الصدّيق الراية، فقاتل قتالًا شديدًا، ثم رجع فأخذها عمر بن الخطاب، فقاتل قتالًا أشد من الأول، ثم رجع فأخبر بذلك رسول الله ﷺ فقال: " أما والله لأعطين الراية غدًا رجلًا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. كرارًا غير فرار، يأخذها عنوة " فتطاول المهاجرون والأنصار، وكان علي بن أبي طالب غائبًا، فجاء وهو أرمد قد عصب عينيه، فقال له رسول الله ﷺ: ادن مني، فدنا منه، فتفل في عينيه، فزال وجعهما، ثم أعطاه الراية، فنهض بها، وعليه حلة حمراء، وخرج مرحب صاحب الحصن، وعليه مغفرة، وهو يقول: قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب فقال علي: أنا الذي سمتني أمي حيدره ... أكيلكم بالسيف كيل السندره فاختلفا بضربتين، فقدت ضربة علي المغفر ورأس مرحب، وسقط على الأرض. وروى ابن إسحاق خلاف ذلك، والذي ذكرنا هو الأصح، وفتحت المدينة على يد علي رضى الله عنه، وذلك بعد حصار بضع عشرة ليلة، وحكى أبو رافع مولى رسول الله ﷺ قال: خرجنا مع علي ﵁، حين بعثه رسول الله ﷺ إِلى خيبر، فخرج إِليه أهل الحصن، وقاتلهم علي ﵁، فضربه رجل من اليهود، فطرح ترس علي من يده، فتناول بابًا كان عند الحصن، فتترس به، ولم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده. فلقد رأيتني في سبعة نُفر أنا ثامنهم، نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه. وكان فتح خيبر في صفر، سنة سبع للهجرة، وسأل أهل خيبر رسول الله ﷺ الصلح، على أن يساقيهم على النصف من ثمارهم، ويخرجهم متى شاء، ففعل ذلك، وفعل ذلك أهل فدك فكانت خيبر للمسلمين، وكانت فدك خالصة لرسول الله ﷺ لأنها فتحت بغير إيجاف خيل، ولم يزل يهود خيبر كذلك إِلى خلافة عمر ﵁، فأجلاهم منها، ولما فرغ رسول الله ﷺ من خيبر، انصرف إِلى وادي القرى، فحاصره ليلة وافتتحه عنوة، ثم سار إِلى المدينة، ولما قدمها وصل إليه من الحبشة بقية المهاجرين، ومنهم جعفر بن أبي طالب، فروي أن النبي ﷺ قال: ما أدري بأيهما أسَر، بفتح خيبر

1 / 140