المختصر في أخبار البشر

ابو الفداء d. 732 AH
120

المختصر في أخبار البشر

المختصر في أخبار البشر

ناشر

المطبعة الحسينية المصرية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اصناف

تاریخ
غزوة بدر الكبرى وهي الغزوة التي أظهر الله بها الدين، وكان من خبرها، أنه لما قدم لقريش قفل من الشام، مع أبي سفيان بن حرب، ومعه ثلاثون رجلًا، فندب رسول الله ﷺ إِليهم، وبلغ أبا سفيان ذلك فبعث إِلى مكة، وأعلم قريشًا أن النبي ﷺ يقصده، فخرج الناس من مكة سراعًا، ولم يتخلف من الأشراف غير أبي لهب، وبعث مكانه العاص بن هشام، وكانت عدتهم تسعمائة وخمسين رجلًا، فيهم مائة فارس، وخرج محمد ﵇ من المدينة، لثلاث خلون من رمضان سنة اثنتين للهجرة، ومعه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلًا، منهم سبعة وسبعون من المهاجرين، والباقون من الأنصار، ولم يكن فيهم إِلا فارسان، أحدهما المقداد بن عمرو الكندي، بلا خلاف، والثاني قيل هو الزبير بن العوام، وقيل غيره، وكانت الإِبل سبعين، يتعاقبون عليها، ونزل رسول الله ﷺ الصفراء، وجاءته الأخبار بأن العير قد قاربت بدرًا، وأن المشركين قد خرجوا، ليمنعوا عنها، ثم ارتحل رسول الله ﷺ ونزل في بدر، على أدنى ماء من القوم، وأشار سعد بن معاذ ببناء عريش لرسول الله ﷺ، فعمل وجلس عليه رسول الله ﷺ، ومعه أبو بكر، وأقبلت قريش، فلما رآهم رسول الله ﷺ قال: اللهّم هذه قريش، قد أقبلت بخيلائها وفخرها. تكذّب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، وتقاربوا، وبرز من المشركين عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، فأمر النبي ﷺ أن يبارز عبيدة بن الحارث بن المطلب عتبة، وحمزة عم النبي ﷺ شيبة، وعلي بن أبي طالب الوليد بن عتبة، فقتل حمزة شيبة، وعلي الوليد، وضرب كل واحد من عبيدة وعتبة صاحبه، وكَّر علي وحمزة على عتبة فقتلاه، واحتملا عبيدة وقد قطعت رجله ثم مات، وتزاحفت القوم ورسول الله ﷺ، ومعه أبو بكر على العريش، وهو يدعو ويقول: " اللهم إِن تهلك هذه العصابة، لا تعبد في الأرض، اللهم أنجز لي ما وعدتني " ولم يزل كذلك حتى سقط رداؤه، فوضعها أبو بكر عليه، وخفق رسول الله ﷺ خفقة، ثم انتبه فقال: أبشر يا أبا بكر فقد أتى نصر الله، ثم خرج رسول الله ﷺ من العريش يحرض الناس على القتال، وأخذ حفنة من الحصباء ورمى بها قريشًا وقال: شاهت الوجوه، ثم قال لأصحابه: شدوا عليهم فكانت الهزيمة، وكانت الوقعة صبيحة الجمعة، لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وحَمَل عبد الله ابن مسعود رأس أبي جهل بن هشام إِلى النبي ﷺ، فسجد شكرًا لله تعالى، وقتل أبو جهل وله سبعون سنة، واسم أبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وكذلك قتل أخو أبي جهل، وهو العاص بن هشام، ونصر الله نبيه بالملائكة. قال الله تعالى: " إِذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم إِني ممدكم بألف من

1 / 128