١٩٢٧: مختارات قصصية لريونوسكيه أكوتاغاوا
١٩٢٧: مختارات قصصية لريونوسكيه أكوتاغاوا
اصناف
حياه ذلك الكابا برأسه ثم أجاب كذلك بأدب بالغ: «هل أنت السيد لاب؟ أنت كما أنت لا تتغير ... (على الأرجح أنه بدأ يقول ذلك ولكنه لم يكمل كلامه لأنه انتبه إلى منقار لاب المتعفن) ... آه، على أي حال تبدو في صحة جيدة أليس كذلك؟ ولكن ماذا حدث لكي تأتي اليوم؟» «لقد جئت اليوم بصحبة هذا الرجل. إنه وكما تعلم على الأرجح ...»
تحدث لاب عني باندفاع وسلاسة، ويبدو أن ذلك كان حجة قوية لعدم حضور لاب إلى المعبد إلا نادرا. «بهذه المناسبة كنت أرجو أن ترشد هذه الرجل داخل المعبد.»
أولا وجه الشيخ التحية لي بابتسامة عريضة، وأشار بهدوء إلى المذبح المقدس الذي في الواجهة. «مهما قلت إرشاد فأنا لا يمكن أن أفيد بشيء. إن ما نعبده نحن المؤمنين هو «شجرة الحياة» تلك التي في المذبح المقدس في الواجهة، وكما ترى فإن «شجرة الحياة» ثمارها بلون ذهبي ولون أخضر، الثمر الذهبي يسمى «ثمر الخير» والثمر الأخضر يسمى «ثمر الشر» ...»
بدأت أشعر بالملل أثناء هذا الشرح، وذلك لأنني سمعت في كلمات ذلك الشيخ مجازا عتيقا، ولكنني بالتأكيد تظاهرت بأنني أسمع بحماس، ولم أنس أن ألتفت بنظري إلى داخل المعبد الكبير من وقت لآخر.
الأعمدة الكورنيثية والقباب القوطية والأرضية بتصميمات الشطرنج على الطراز العربي ومنصة الصلاة التي هي أقرب ما تكون إلى الطراز الألماني الانفصالي ... كان ذلك التوافق الذي يصنع كل تلك الأشياء يحتوي على جمال همجي مريب، ولكن أكثر ما شدني هو تمثالان صنعا من المرمر داخل مقصورتين على الجانبين. كنت أفكر أنني أعرف التمثالين من قبل، ولم يكن ذلك غريبا؛ فبعد أن أنهى ذلك الكابا محني الظهر شرح «شجرة الحياة»، اقترب معي ومع لاب من التابوت الذي على اليمين، وبدأ يضيف الشرح التالي الخاص بالتمثال النصفي الذي داخل المقصورة: «إن ذلك هو أحد القديسين ... إنه القديس ستريندبرغ الذي اعترض على كل شيء. إن هذا القديس بعد أن عانى معاناة شديدة، يقال إنه نجا من فلسفة سويدنبورغ، ولكنه في الحقيقة لم ينج، وهذا القديس ما زال يؤمن بالديانة المعيشية مثلنا تماما ... أو يجب القول إنه لم يكن أمامه إلا أن يؤمن بها. أرجو أن تجرب قراءة كتاب «الأسطورة» الذي تركه لنا ذلك القديس، فهذا القديس بنفسه يعترف فيه أنه حاول الانتحار.»
أصبت بالاكتئاب قليلا، ثم بعد ذلك نظرت إلى المقصورة. كان من في المقصورة التالية رجل ألماني بشارب غليظ. «إن هذا هو نيتشه شاعر زرادشت. لقد كان هذا القديس يطلب النجاة من السوبرمان الذي صنعه القديس بنفسه، ولكنه كما هو متوقع أصيب بالجنون، ولكنه إن لم يجن، فربما لم يكن ليدخل في عداد القديسين ...»
صمت الشيخ قليلا ثم أرشدنا إلى المقصورة الثالثة. «من يشغل المقصورة الثالثة هو تولستوي. إن هذا القديس هو أكثر من قام بالممارسات التنسكية الشاقة؛ وذلك لأنه كان يكره أن يظهر معاناته للعامة كثيري الفضول بسبب أنه كان في الأصل من النبلاء. لقد بذل ذلك القديس جهدا لكي يؤمن بالمسيح الذي لا يؤمن به في الحقيقة. كلا بل لدرجة أنه قال علانية إنه يؤمن به. وأخيرا أصبح في نهاية حياته لا يستطيع تحمل المأساة والبطولة معا، ويشتهر عن هذا القديس كذلك أنه كان يشعر بالخوف من عوارض مكتبته، ولكنه لم ينتحر بالطبع، ولذلك دخل في عداد القديسين.»
كان التمثال النصفي الذي تحتويه المقصورة الرابعة هو أحد اليابانيين، وعندما رأيت وجه ذلك الياباني، أحسست بالحنين والشوق إليه. «هذا هو دوبو كونيئدا. إنه شاعر يعرف بوضوح مشاعر العمال الذين يموتون دهسا بالسيارة، ولا شك أنه لا حاجة لأن أشرح لك أكثر من ذلك. حسنا انظر إلى المقصورة الخامسة ...» «أليس هذا فاغنر؟» «بلى، الثوري الذي كان صديقا للملك، لقد كان القديس فاغنر في أواخر عمره يصلي حتى صلاة قبل الوجبات، ولكنه بالطبع كان أحد المؤمنين بديانة المعيشة أكثر من الديانة المسيحية، وطبقا للرسالة التي تركها فاغنر، فلا يعرف عدد المرات التي أودت المعاناة بهذا القديس إلى عتبات الموت.»
كنا في ذلك الوقت نقف بالفعل أمام المقصورة السادسة. «إن هذا صديق القديس ستريندبرغ. رسام فرنسي كان في الأصل تاجرا تزوج بدلا من زوجته أم أطفاله الكثيرين، ببضع عشرة امرأة من نساء جزيرة تاهيتي. إن هذا القديس تجري في عروقه الغليظة دماء بحار، ولكن انظر إلى شفتيه. يتبقى بها آثار زرنيخ أو ما شابه. المقصورة السابعة بها ... أنت تعبت أليس كذلك؟ حسنا أرجو أن تأتي إلى هنا.»
ولأنني كنت في الواقع متعبا حقا، أطعنا أنا ولاب الشيخ ودخلنا غرفة متصلة بممر تفوح فيه رائحة البخور. تحت تمثال أسود لفينوس يقع في ركن من تلك الغرفة الصغيرة قدم قربان عبارة عن عنقود عنب جبلي، ولقد شعرت بالدهشة إلى حد ما لأنني كنت أتخيل صومعة راهب بلا أية زينة، ويبدو أن الشيخ شعر بمشاعري تلك من مظهري، وقبل أن يعرض علينا الجلوس على المقاعد شرح لي الأمر بما يشبه الأسى. «أرجو منك ألا تنسى أن ديانتنا هي ديانة الحياة المعيشية. إلهنا وتعاليم «شجرة الحياة» تقول لنا «عيشوا في حيوية ونشاط»... يا سيد لاب: هل جعلت هذا السيد يقرأ كتابنا المقدس؟»
نامعلوم صفحہ