مختارات من القصص القصيرة
مختارات من القصص القصيرة
اصناف
توجه إليه الغريب بالحديث قائلا: «عذرا، هلا ترشدني إلى ميدان بلومزبيري سكوير؟»
رد الشرطي موضحا: «هذا ميدان بلومزبيري سكوير، أو بدءا من الناصية القادمة على وجه الدقة. ما رقم البيت الذي تريده؟»
أخرج الغريب من أحد جيوب معطفه الطويل المغلق الأزرار قصاصة من الورق، ثم فتحها وقرأ: «نزل السيدة بنيتشيري. رقم 48.»
قال له الشرطي: «الناصية القادمة، جهة اليسار، المنزل الرابع. هل أوصى لك أحدهم بالإقامة هناك؟» «نعم ... صديق لي. أشكرك جزيل الشكر.»
غمغم الشرطي في سره: «هكذا إذن، أراهن أنك لن تظل تدعوه صديقي بعدما تقضي أسبوعا في هذا المكان، أيها الشاب ...»
ثم أضاف بينما كان يحدق في هيئة الغريب المبتعدة: «يا للعجب! لقد رأيت الكثير ممن يبدون أصغر سنا من ظهورهم وعندما تطلع على وجوههم تجدهم أكبر عمرا. لكن هذا الرجل على ما يبدو يحمل وجه شاب وظهر شيخ. أراهن أن جانبه الشاب سيشيخ بدوره إن أقام طويلا عند هذه المرأة التي تدعى بنيتشيري؛ تلك العجوز البخيلة.»
كان لدى رجال الشرطة، ممن تتضمن مناوباتهم ميدان بلومزبيري سكوير، أسباب تدفعهم لكراهية السيدة بنيتشيري. وحقا قد يكون من الصعب العثور على إنسان لديه ما يدفعه لحب هذه السيدة ذات الملامح الحادة. وربما كانت إدارة نزل من الدرجة الثانية في ميدان بلومزبيري سكوير نشاطا لا يؤدي بصاحبه إلى اكتساب فضيلتي الكرم واللطف.
في هذه الأثناء، كان الغريب قد بلغ وجهته، وقرع جرس البيت رقم 48. استرقت السيدة بنيتشيري النظر من أعلى السلالم المؤدية إلى المنزل لامحة رجلا ذا وجه وسيم وإن كان ذا طابع أنثوي بعض الشيء، فأسرعت بتعديل قبعة الأرملة التي ترتديها أمام المرآة، وأمرت الخادمة ماري جين باصطحاب الغريب إلى غرفة الطعام، تحسبا لأن يكون مستأجرا مثيرا للمتاعب، وإشعال مصابيح الغاز.
وكانت تعليماتها الأخرى كالتالي: «ولا تتوقفي عن الثرثرة معه، ولا تأخذي على عاتقك الإجابة عن أسئلته. قولي له إنني سأحضر في غضون دقيقة، وراعي ألا تظهري يديك قدر استطاعتك.» •••
سألت السيدة بنيتشيري ماري جين، الخادمة المتسخة الثياب، بعدما عادت عقب بضع دقائق: «علام تضحكين؟»
نامعلوم صفحہ