مختارات من القصص القصيرة
مختارات من القصص القصيرة
اصناف
وافقها الغريب قائلا: «نعم ليس في جميع الأحوال، لكن في حالتك أنت تحديدا سيجتمعان.»
نظرت إليه.
واستكمل الغريب حديثه مبتسما: «أتظنين أنني لم ألاحظ ذلك الشاب الوسيم المهذب والذكي؟ إنه يحبك وأنت تحبينه. لم أكن لأغادر دون الاطمئنان على مستقبلك.»
شردت عيناها نحو الضوء الخافت.
ثم ردت في نزق: «آه! نعم، أنا أحبه بالفعل. إن عينيك قادرتان على رؤية الحقيقة متى رغبتا في ذلك. لكن المرء لا يحيا على الحب في عالمنا هذا. سأخبرك عن الرجل الذي أنوي الزواج منه إذا كنت مهتما.» كانت عيناها تتحاشى عينيه. وظلت مثبتة على الأشجار الداكنة والضباب خلفها، بينما تدفقت العبارات من فمها سريعة جارفة: «سأتزوج رجلا قادرا على منحي كل ما أشتهيه؛ المال وكل ما يقدر المال على شرائه. أنت تظنني امرأة، لكنني لست سوى خنزيرة. إنه كائن مقزز ويتنفس مثل الخنازير البحرية؛ لا يعرف سوى المكر والخداع، ولا يعظم سوى شهواته. لكني لا أمانع كل هذا.»
كانت تأمل أن تصدم كلماتها الغريب دافعة إياه للمغادرة. وأثار سخطها أن سمعته يضحك ليس إلا.
قال: «لا، لن تتزوجيه.»
صاحت في غضب: «من سيمنعني؟» «روحك النبيلة.»
كان لصوته رنين آمر عجيب أجبرها على الالتفات والنظر إلى وجهه. عندئذ أدركت أن الصورة التي كانت تحملها له في مخيلتها منذ أن وقعت عيناها عليه للمرة الأولى كانت صحيحة. كانت قد التقته وتحدثت إليه؛ في الطرقات الريفية الساكنة وشوارع المدن المزدحمة؛ لا تدري أين على وجه التحديد. وكلما كانت تحادثه كان يسمو بروحها: لقد كانت مثلما كان دوما يراها.
أكمل الغريب حديثه (وللمرة الأولى لاحظت الآنسة ديفاين حضوره المهيب، وأدركت أن عينيه الوديعتين الطفوليتين يمكن أن تكونا آمرتين كذلك): «هناك أناس يقدمون على ذبح روحهم النبيلة بأيديهم والتخلص للأبد مما تجلبه من متاعب. لكنك يا صغيرتي تركت روحك تبلغ من القوة ما يعجزك عن كبتها؛ لذا ستظل لها اليد العليا دوما عليك. يجب أن تطيعيها. وإذا حاولت الفرار منها فستتبعك، حتى تدركي أنه لا مهرب منها. أما إهانتك لها، فلن تجلب لك سوى شعور محتدم بالعار وتقريع مؤلم لا ينتهي للنفس.» ثم تلاشت الصرامة من وجه الغريب الجميل وعاودته رقته مجددا. ووضع يده على كتف الفتاة الشابة. ثم قال: «سوف تتزوجين حبيبك. ومعه ستقطعين دروب الحياة، سهلها ووعرها.»
نامعلوم صفحہ