مختارات من القصص الإنجليزي
مختارات من القصص الإنجليزي
اصناف
وكانت السعادة بادية عليها، ولم يكن ثم ما يدل على أن سنها زادت وأنها صارت أكبر، واحتفظت وسامتها بمزايا الرزانة والوداعة. وإذا كانت قد بدت من قبل زهرة من أزاهير الطهر على عودها الأملود، وببهجة ألوانها الرقيقة، فما كانت نضرة هذه البهجة الرقيقة أقل ظهورا، الآن، وكان إلى جانبها رجل كهل يحتسي شراب «الأبسنت» ووراءها السيدة ذات القبعة المزدانة بالشرائط القرمزية، تصيح «ألسبياد!» «ألسبياد!» للخادم ذي الفوطة الطويلة الملفوفة على وسطه، وأخبرت الآنسة سبنسر أن زميلي كان معها على السفينة، وأنه زوج أختي، فتقدم وعرفته بها فنظرت إليه كأنها ما وقعت عليه عينها من قبل، ولا عجب فقد حدثني أنها كانت لا تنفك تنظر إلى الأفق الشرقي، ومن الجلي أنها لم تفطن إلى وجوده على الباخرة. وابتسمت له ابتسامة حيية ولم تحاول أن تزعم أنها رأته من قبل، وبقيت معها في المقهى، ورجع هو إلى الفندق وزوجته. وقلت للآنسة سبنسر: إن مقابلتي لها بعيد نزولها من السفينة اتفاق عجيب جدا، ولكني مغتبط بذلك ويسرني أن تخبرني عن وقع السفر في نفسها.
قالت: «لا أدري! ولكني أشعر كأني في حلم. وإن لي هنا لساعة، ولست أريد أن أتحرك. كل شيء جميل. ومن يدري؟ لعل القهوة أسكرتني، والحق أنها كانت لذيذة!»
قلت: «إذا كان هذا مبلغ سرورك بمرفأ الهافر الممل وكنت تفيضين عليه كل هذا الإعجاب، فإنك لا تبقين شيئا من السرور والإعجاب بما هو خير منه. كلا، لا تنفقي كل ذخرك من الإعجاب في أول يوم. واذكري أن هذه وثيقة الاعتماد الأدبية ... تذكري كل البلدان والأشياء الجميلة التي تنتظرك. تذكري إيطاليا الفاتنة!»
فقالت بلهجة الجذل، وعينها على المساكن أمامها: «لست أخشى الإفلاس وإن في وسعي أن أجلس هنا طول النهار، وأقول لنفسي إني صرت ها هنا أخيرا. كل شيء قاتم، وقديم، ومغاير لمألوفي!»
فسألتها: «على فكرة، كيف اتفق لك أن تقعدي هنا؟ ألم تقصدي إلى فندق من الفنادق؟» فقد استغربت سذاجة القلب التي جعلت هذه المرأة الحسناء الرقيقة تتخذ مكانها في هذه العزلة البارزة على حافة الطريق.
فكان جوابها: «جاء بي ابن عمي إلى هنا. أتذكر أني قلت لك إن لي ابن عم في أوروبا؟ استقبلني هذا الصباح على الباخرة.»
قلت: «لم تكن به حاجة إلى تجشيم نفسه عناء الاستقبال إذا كان سيهجرك بهذه السرعة.»
قالت: «إنما تركني مسافة نصف ساعة. ذهب ليجيء بمالي.»
فسألتها: «وأين مالك؟»
فضحكت ضحكة خفيفة وقالت: «إني أشعر بأن لي شأنا حين أخبرك أنها كلها أوراق نقد.»
نامعلوم صفحہ