30 - وسمعت يوسف بن إبراهيم والدي يقول:
((لم يتمكن أحد من أحد تمكن أبي يوسف القاضي من الرشيد. ولقد سألت إبراهيم بن المهدي عن السبب في ذلك، فقال: ((كان يستحق هذا منه لما حدثني به مسرور الكبير، قال:
((كنت في خدمة المهدي، وكان الرشيد حفيا بي، محسنا إلي، فلما انتقل أمر الخلافة إلى الهادي، قال لي الرشيد: ((إن أخي قوي الشراسة، وأنا أخاف إيقاعه بي وجمع الناس على بيعة ابنه بعده. وأنا على غاية من الثقة بك، فاعدل إليه وكن لي عينا عليه)). فتقدمت عند الهادي حتى توليت ستر بيت خلوته. وكان المهدي قد قرن أبا يوسف بالهادي فتمكن منه، وقبل في مهماته مشورته، فلما حلا بقلبه شاوره في ذلك، فقال: ((يا أمير المؤمنين! لا تحمل نفسك على قطيعة رحمك، وأولياءك على الحنث بأيمانهم، واستدع من الله زيادته بما يرضيه عنك))، فتوقف بعض التوقف. وسعى إليه بالرشيد، وقيل له: ((إنه [عامل] على أن يغتالك)). فدعا بأبي يوسف وأخبره بما تأدى إليه فقال: #52# ((يا أمير المؤمنين! لا تسمع هذا، وأنا الضامن لك حسن طاعته ووكيد موالاته)). فكنت أنهي جميع ذلك إلى الرشيد فيشتد سروره به، ويرغب إلى الله في معونته على مكافأته.
فلما أفضت الخلافة إليه، دعا به وقال له: ((يا يعقوب! لو جاز لي إدخالك في نسبي، ومشاركتك في الخلافة المفضية إلي، لكنت حقيقا به! ألست القائل لأخي وقت كذا: كذا؟ وفي وقت كذا: كذا؟، فقال: ((يا أمير المؤمنين! من أنبأك بهذا؟ فوالله ما كان معنا ثالث!)). فضحك الرشيد وقال: ((مسرور كان يتولى ستر بيت خلوته، وكان ينهي إلي جميع ما صدر عنه)).
قال مسرور : ((فوالله ما برحت بي عناية أبي يوسف حتى بلغت مع الرشيد هذا المبلغ!)).
صفحہ 51