وليس ذلك من قولهم؛ لأن الاختلاف لا يكون إلا بالصفات المختلفة، فإن قالوا متفقان عاد إليهم الكلام الأول: لم سميتم الهيولي هيولي والقوة قوة، وهما جميعا بصفة واحدة؟
مسألة في النهايات:
... يقال لأهل الدهر في نفيهم نهاية العالم، وفي زعمهم أنه منبسط غير متناه ولا محدود: اخبرونا عن هذه الأرض عن جميع هذا العالم، هل يخلو من أن يكون له وسط أم ليس له وسط؟ فإن زعموا أن ليس للأرض وسط، ولا هذا العالم وسط بان كذبهم؛ لأن هذه الأرض جزائر متفرقة، وأقاليم متباينة، فلو استحال على الأرض أن يكون لها وسط لاستحال على جزيرة من هذه الجزائر، وإقليم من هذه الأقاليم أن يكون له وسط، فلما ثبت عند جميع الناس أن لكل كورة من هذه الكور _كور الأرض_ وسطا وأطرافا ثبت أن لجميعها وسطا وأطرافا، وإلا لبطل القضاء بالبعض على الكل.
... أخرى: ويقال لهم: أخبرونا عمن هو بأرض الروم، أليس هو أقرب إلى مهب الشمال ممن هو بأرض فارس؟ وعمن هو بأرض فارس، أليس هو بأقرب إلى مهب الجنوب ممن هو بأرض الروم؟ فإن قالوا: لا بان كذبهم، وإن قالوا: نعم بان فساد مذهبهم.
... أخرى: ويقال لهم: أخبرونا لو أن طائرين يطيران من مهب الشمال إلى مهب الجنوب، وأحدهما يزيد على طيران صاحبه كل يوم ذراعا، هل لمسافة ما بينهما نهاية؟ فإن قالوا: لا أبطلوا النهاية، وإن قالوا : نعم أثبتوا النهاية لجميع العالم.
... أخرى: ويقال لهم: أخبرونا عمن سار من بلاد الأندلس إلى أرض الهند، هل نقص من ناحية الجنوب شيئا، وزاد في ناحية الشمال؟ فإن قالوا:لا بان كذبهم، فإن قالوا: بل نقص من جهة الجنوب، وزاد في جهة الشمال أقروا بالنهاية؛ لأن ما يزاد فيه وينقص منه فله نهاية.
صفحہ 25