وليس يريد الذراع، وإنما يريد سعة الصدر والاحتمال، وقال الله: {إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} (¬1) ، وقالوا أيضا: قد قال الله تعالى موسى _صلى الله عليه وسلم_: {واصطنعتك لنفسي} (¬2) ، وقال قال عيسى أيضا لربه: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك} (¬3) ، قلنا قد يقول الرجل لصاحبه: أتيتك بنفسي، وهو ليس يريد النفس والروح، بل يريد أني لم أكل المجيء إليك إلى غيري، ولم أرض لك برسولي ولا كتابي، قال الله تبارك وتعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} (¬4) ، وقال في مكان آخر: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم} (¬5) ، فكان قوله: (منكم)، (ومن أنفسكم) سواء، وقالوا أيضا: وقد قال الله حكاية عن قول الكافر: {يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله} (¬6) قلنا: قد يقول الرجل لصاحبه: هذا يسير في جنب رضاك.
وقد قال الشاعر:
... وفي جنبي ما أوليتني منك نعمة ... ... ... تقل لك العتبى وإن لم تكلم
¬__________
(¬1) سورة البقرة آية رقم 237.
(¬2) سورة طه آية رقم 41.
(¬3) سورة المائدة آية رقم 116.
(¬4) سورة التوبة آية رقم 128.
(¬5) سورة البقرة آية رقم 151.
(¬6) سورة الزمر آية رقم 56.
ويقولون: فرط في جنبه وفي جانبه يريدون في حقه. قال سابق البربري:
أما تتقين الله في جنب وامق ... ... ... له كبد حرى عليك تقطع
قال السيد محمد الألوسي في تفسيره (روح المعاني): لا يمكن إبقاء الكلام على حقيقته لتنزهه عز وجل عن الجنب بالمعنى الحقيقي، وكلهم مجمعون على التنزيه، وسبحان من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. وقال العلامة القاسمي: أي في جانب أمره ونهيه.
صفحہ 147