في موضع هو ساكن، أو يكمن الافتراق في جزءين مجتمعين، أو يكمن الاجتماع في جزءين مفترقين، وهل يكون ذلك إلا وقد حل الشيء ومضاده (¬1) في محل واحد، في حالة واحدة، فهذا يوجب المعنى الأول الذي أنبأنا على فساده في ماضي كلامنا في إثبات الجسم ساكنا متحركا في حال واحدة، مجتمعا متفرقا في حال واحدة، وعلى أنه لو لم يجب ذلك، وكان ما زعم هذا الزاعم من كمون هذه الأعراض صحيحا لكان الكلام قائما والسؤال لازما، من قبل أن هيئة الجسم في حال كمون الكامن فيه، بخلاف هيئته في حال ظهوره فيه، وإذا اختلفت هيئته بالظهور والكمون (¬2)
¬__________
(¬1) - الضد والضديد واحد، والأضداد، وقد يكون الضد جماعة قال الله تعالى: {ويكونون عليهم ضدا} (سورة مريم:82)، وقد ضاده مضادة وهما متضادان، ولا ضديد له: أي لا نظير له ولا كفء له. راجع التعريفات للجرجاني.
(¬2) - الكمون: فإن طائفة ذهبت إلى أن النار كامنة في الحجر، وذهبت طائفة إلى أبطال هذا وقالت: إنه لا نار في الحجر أصلا. وهو قول ضرار بن عمرو.
وضرار ينسب إلى مخالفيه أنهم يقولون: إن النخلة بطولها وعرضها وعظمها كامنة في النواة، وأن الإنسان بطوله وعرضه، وعمقه وعظمه كامن في المني.
وخصومه ينسبون إليه أنه يقول: إنه ليس في النار حر، ولا في العنب عصير، ولا في الزيتون زيت، ولا في الإنسان دم. ويقول ابن حزم: وكلا القولين جنون ومكابرة للحواس والعقول، والحق من ذلك: أن في الأشياء ما هو كامن كالدم في الإنسان، والعصير في العنب.
وذهب الباقلاني وسائر الأشعرية: إلى أنه ليس في النار حر، ولا في الثلج برد، ولا في الزيتون زيت.
يقول ابن حزم: وهذا أمر ناظرنا عليه من لقيناه منهم. راجع الفصل 5/185 وما بعدها.
صفحہ 11