أأيقاظ أمية أم نيام؟
فأمر مروان عامله بالبلقاء فسار إلى إبراهيم، وشد وثاقه وبعث به إليه فألقاه في الحبس حتى مات، وقيل: مسمما، ثم ظهر بنو العباس سنة 750 فسلم الناس على أبي العباس السفاح بالخلافة، فدخل دار الإمارة بالكوفة، وكان مروان بحران لما بلغته هذه الأخبار، واشتد القتال بين جيشه وجيش أبي العباس السفاح فتمت الهزيمة على عسكر مروان، وفر مروان هاربا بالموصل، فسبه أهلها حتى أتى حران فدنا منها عسكر السفاح، فانهزم إلى حمص ثم إلى دمشق ثم فر منها إلى فلسطين، فلحقه عبد الله عم السفاح وفتح دمشق، ثم سار منها إلى فلسطين بأثر مروان فانهزم منه حتى دخل نيل مصر، فأدركه صالح أخو عبد الله المذكور في كنيسة بوقير، فطعنه رجل برمح فقتله واحتز رجل رأسه وأرسله إلى السفاح، ثم قتل العباسيون من بني أمية جماعة، وتشتت الباقون واختلفوا في البلاد وهرب بعضهم إلى الأندلس، فأنشئوا دولة الأمويين فيها سنة 757، وأول خلفائهم هناك عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك، واستبد العباسيون في الخلافة خلفا لبني أمية. (2) في أبي العباس السفاح وما كان في أيامه بسورية
هو أول الخلفاء العباسيين، بويع بالخلافة بالكوفة سنة 750، وكان سريعا إلى سفك الدماء، فلقب بالسفاح، وولى على سورية عمه عبد الله بن علي وعلى مصر أبا عمر عبد الملك، وخلع حبيب بن مرة، وأهل البثنية وحوران طاعته، وكان حبيب المذكور من قواد مروان، فسار إليه عبد الله والي دمشق وقاتله دفعات ثم صالحه، وأمنه لخروج أبو الورد بن الكوثر عن طاعته، وكان أبو الورد المذكور استمد أهل قنسرين، وكاتبوا أهل حمص وتدمر فقدم منهم ألوف، فوجه عبد الله أخاه عبد الصمد لقتالهم فقتل كثيرون من الفريقين، وانهزم عبد الصمد إلى أخيه فاقتتل الفريقان ثانية قتالا شديدا بمرج الأخرم، فانهزم أصحاب أبي الورد وثبت هو في نحو خمسمائة رجل حتى قتلوا جميعا، فأمن عبد الله أهل قنسرين، ودخلوا في طاعته وانصرف راجعا إلى أهل دمشق فدانوا له ولم يقاتلوه، وكانت للسفاح حروب وأحداث أخرى خارجة عن دائرة غرضنا في تاريخ سورية، فنضرب عن ذكرها، وأدركته المنية بمدينة الأنبار سنة 755. (3) في أبي جعفر المنصور
هو أخو السفاح وقد عهد إليه بالخلافة، ومن بعده إلى ابن أخيه عيسى، وكان أبو جعفر في الحج عند وفاة السفاح، وكان عبد الله بن علي والي سورية خرج في الجنود إلى أطراف ولايته، فبلغه خبر وفاة عمه السفاح فجمع الجنود، وقرأ عليهم الكتاب بوفاة السفاح ودعاهم إلى مبايعة نفسه وسار حتى نزل حران، فأرسل أبو جعفر المنصور أبا مسلم الخراساني لقتال عبد الله الذي بلغ إلى نصيبين، فكتب إليه أبو مسلم: «إني لم أؤمر بقتالك ولكن أمير المؤمنين ولاني الشام.» فخاف من مع عبد الله من أهل الشام من قتاله، فقال لهم عبد الله: «والله ما يريد الشام وما توجه إلا لقتالكم.» وأبوا المسير إلا إلى الشام ... فاضطر عبد الله أن يسير معهم، وتبعه أبو مسلم فاقتتلوا خمسة أشهر، وكان الفوز في أكثرها لعبد الله، ولكن ظهر أبو مسلم في آخر الحرب عليه، فانهزم مع أخيه عبد الصمد، وكتب المنصور إلى أبي مسلم بالولاية على مصر والشام، فلم يحب أبو مسلم ذلك وتوجه إلى خراسان فطلبه المنصور، فاعتذر عن الحضور وأخيرا حضر إلى المنصور فقتله، وكان من أكبر دعاة بني العباس.
وفي سنة 763 ابتدأ المنصور في بناء بغداد؛ لأنها متوسطة بين البصرة والكوفة والموصل، وكانت وفاته سنة 775. (4) في المهدي وابنيه الهادي والرشيد
أما المهدي فهو ابن أبي جعفر المنصور بويع بالخلافة بعد موت أبيه سنة 775، ومن الأحداث في أيامه أنه جاء إلى حلب يصحبه ابنه الرشيد، وبلغه أن في تلك الناحية زنادقة فجمعهم وقتلهم، وأرسل ابنه هرون الرشيد إلى بلاد الروم، ففتح فتوحات وعاد سالما منصورا ثم أرسله ثانية، فسار حتى بلغ خليج القسطنطينية، وروى ابن العبري في تاريخ الدول أن إيرينا والدة الملك قسطنطين السادس افتدت مملكة ابنها بسبعين ألف دينار كل سنة، وفي سنة 785 توفي المهدي وقيل: مسموما.
وخلفه ابنه الهادي وبويع بالخلافة يوم وفاة والده، وقل ما كان من الأحداث في أيامه؛ لأنه توفي سنة 787م، وخلفه أخوه هرون الرشيد تلك السنة، ومن بواكير خلافته تجديد بناء مدينة ترسيس وتحصينها، ومن الأحداث بسورية في أيامه أنه سنة 893 كانت فتنة بدمشق بين المضرية واليمانية، وقتل اليمانية من المضرية ستمائة رجل، فاستنجد المضرية بني قضاعة وسليحا فلم ينجدوهم، واستنجدوا بني قيس فنجدوهم، وساروا معهم إلى أرض البلقاء فقتلوا من اليمانية ثمانمائة رجل، وكثر القتال بينهم فعزل هرون الرشيد عبد الصمد بن علي عن دمشق وولى عليها إبراهيم بن صالح، فدام القتال نحو سنتين إلى أن سار جعفر بن يحيى البرمكي إلى دمشق، فسكن هذه الفتنة سنة 796م.
ومن أعمال الرشيد المشهورة إيقاعه بالبرامكة، فإنه كان قد استوزر جعفر بن يحيى البرمكي، وعظم منزلته فاستطال وبغى وخالف متبوعه، فأرسل فقتله في الأنبار وأتبع به أباه وولده، وأخذ كل ما كان للبرامكة من مال ومتاع وضياع، وكان ذلك سنة 803.
وكانت للرشيد حرب مع نيقوفور ملك الروم حتى بلغ الرشيد إلى ضواحي القسطنطينية، فطلب نيقوفور الصلح وتعهد بأن يدفع جزية سنوية، لكنه أخلف وعده فعاد إليه الرشيد، وانتهب ودمر مواضع كثيرة بآسيا الصغرى وبلغ إلى البوسفور، فتذلل نيقوفور له ووثق وعوده باليمين، فعاد الرشيد متفاخرا لكن نيقوفور ألب بعد ذلك جيشا وسار إلى فريجية، فالتقاه الرشيد وقاتله وجرح نيقوفور وتشتت شمل جيشه بعد أن قتل منه أربعون ألفا، فافترض الرشيد عليه غرامة ثلاثين ألف دينار كل سنة ... ووالى الرشيد كرلوس الكبير (شرلمان)، وأرسل إليه ساعة كانت وقتئذ في أعين أهل المغرب من المدهشات، وقيل: إنه أرسل إليه مفاتيح كنيسة القبر المقدس بأورشليم، وكان الرشيد محبا للعلم والعلماء وعني بترجمة كثير من كتب العلماء من السريانية واليونانية إلى العربية، وتوفي سنة 193ه وهي سنة 809م. (5) في مشاهير العلم الدنيويين في القرن الثامن
كان من هؤلاء في هذا القرن مكحول الشامي، والراجح أن أصله من كابل بأفغان سبي منها، فعتق وأقام بدمشق، ولم يكن في زمانه أبصر منه بالفتيا، وهو أستاذ الإمام الأوزاعي الآتي ذكره وتوفي سنة 737م.
نامعلوم صفحہ