وتوفي نحو سنة 999م.
وكان في هذا القرن بغير سورية الطبري صاحب التاريخ المشهور ابتدأ فيه من أول الزمان إلى سنة 915، وصاحب التفسير البديع إلى غيره من المؤلفات، وتوفي سنة 923، ثم أبو بكر الرازي إمام عصره في علم الطب وله كتاب الحاوي في مقدار ثلاثين مجلدا إلى غيره من الكتب، وقد ترجمت بعض مؤلفاته إلى اللاتينية وتوفي سنة 924، ثم أبو نصر الفارابي شارح كتب أرسطو وصاحب التآليف الفلسفية وغيرها، وهو فيلسوف المسلمين وعده بعضهم الثاني وأرسطو الأول، وتوفي بدمشق سنة 959، ثم المسعودي المؤرخ المشهور وله كتب كثيرة، منها مروج الذهب ومعادن الجوهر، وذخائر العلوم وكتاب التنبيه والإشراف إلى غيرها، وتوفي سنة 958، ثم العبادي الطبيب النصراني، ومعرب كتب الحكمة من اليونانية إلى العربية، وقد عرب من كتب الفلسفة أكثر مما عربه من كتب الطب، وتوفي سنة 912، وكان في هذا القرن ابن نباتة الخطيب الشهير وبديع الزمان الهمذاني صاحب المقامات المشهورة، وابن سهل النحوي وابن دريد إمام عصره في اللغة والأدب والشعر، وأبو الطيب المتنبي الشاعر المشهور والجرجاني الأزهري إلى غيرهم.
الفصل الثامن
في تاريخ سورية الديني في القرن العاشر
(1) في بطاركة أنطاكية وأورشليم في هذا القرن
قام على كرسي أنطاكية بعد سمعان المار ذكره إيليا، واستمر على الراجح ثماني وعشرين سنة وكان عالما وله بعض تصانيف وتوفي سنة 931، ولم يقم بعده بطريرك مدة أربع سنين إلى أن خلفه توادوسيوس الثاني سنة 936، وكان حيا سنة 937 ولم نعلم متى توفي، وفي جدول هؤلاء البطاركة المحفوظ في الواتيكان أسماء توادوريطوس الثاني وأغابيوس الأول، دون ذكر شيء من تاريخهما، والمعلوم أنه يوم أخذ نيقوفور فوقا أنطاكية سنة 969 لم يكن فيها بطريرك؛ لأن البطريرك كان قد قتل، ولبثت أنطاكية بعد مقتله مترملة مدة ما فاعتنى هذا الملك بترقية إسطراتيوس إلى كرسيها، ولما استتب الملك ليوحنا سمسق، وافتتح جيشه أنطاكية سنة 974، ولا بطريرك فيها اهتم بأن يقام توادور بطريركا، وكان ناسكا ورعا، وفي الصلوات المعروفة بالأرثوذكسيات التي يتلوها الروم في كنائسهم أنه ليستحق الذكر المؤبد كريستوفر وتوادور وخلفاؤهما العشرة، أي: كريستوفر وتوادور وأغابيوس ويوحنا ونيقولاوس وإيليا وتوادور الآخر وباسيليوس وبطرس وتوادوسيوس ونيقوفر ويوحنا الآخر، وفي الجداول لهؤلاء البطاركة ما يخالف ذلك، ولا يمكن تحقيق عددهم أيضا فبالأولى عدم معرفة سني ترقيتهم أو وفاتهم.
ومثل هذا الخلاف والاضطراب في تاريخ بطاركة أورشليم في هذا القرن، فبعد وفاة إيليا بطريركها سنة 907 خلفه سرجيوس، ويقال: إنه استمر في البطريركية أربع سنين، وخلفه لاونتيوس أو لاون سنة 911، ويقال: إنه استمر إلى سنة 928، وخلفه إنسطاس، وقيل: نيقولاوس ثم خريستوفر ولا يعلم في أي سنة توفي ... وجاء بعده ذكر أغاتون ويوحنا السادس، ويوحنا السابع، وجاء في تاريخ شدرانس (مجلد 2) أن يوحنا البطريرك طعن عليه بأنه أغرى نيقوفر فوقا بأن يحمل على سورية، فكان جزاءه الحريق وحرق كنيسة القيامة، وكان ذلك سنة 969، وربما كان هذا يوحنا البطريرك الأورشليمي الذي وضع ترجمة القديس يوحنا الدمشقي من العربية إلى اليونانية، كما يظهر من مقدمات المجلد الأول من مؤلفات الدمشقي من طبعة مين، وجاء في جداول بطاركة أورشليم بعد يوحنا أسماء خريستوفر، وتوما الثاني ويوسف الثاني، وبعد هؤلاء إسكندر وأغابيوس، ولا نرى اسميهما في جداول بطاركة أورشليم، بل نجد اسم إرميا في تاريخ ابن العميد أن العزيز بالله العباسي صيره بطريركا على أورشليم، ويروى أن الحاكم بأمر الله الذي أخذ الخلافة سنة 996 سمل عينيه ونفاه إلى بابل، وأشار غوليلموس الصوري (ك1 من تاريخ الحرب فصل 4) إلى شيء من ذلك، ويظهر أن هذا البطريرك توفي في أوائل القرن الحادي عشر. (2) في إيليا أسقف دمشق وغيره من العلماء في القرن العاشر
إن إيليا الملقب الجوهري كان أسقفا على النساطرة في أورشليم، فصيره بطريركهم يوحنا متريبوليطا عليهم بدمشق سنة 893، واستمر إلى سنة 905، وله كتاب في القوانين البيعية قسمه إلى قسمين: تكلم في الأول منهما على قوانين الغربيين، وفي الثاني منهما على قوانين الشرقيين أي: القوانين التي فرضها بطاركتهم النساطرة أو المجامع التي عقدوها، وله مقالة ألفها وهو أسقف بأورشليم زعم فيها أن فرق السريان الثلاثة أي: النساطرة والملكية واليعاقبة هم متفقون في عقائد الإيمان الجوهرية، وإن اختلفوا في التعبير عنها ... وفسر جحود النساطرة تسمية العذراء والدة الله بمعنى أن اسم الله يعم الأقانيم الثلاثة، فإن سميناها والدة الله أدخلنا الولادة على الأب والابن وروح القدس، وأن باقي الفرق بتسميتها أم الله لا ينكرون ناسوت المسيح، ولا يوجبون الولادة على الأب وروح القدس.
وكان في هذا القرن سعيد بن البطريق بطريرك الملكية بإسكندرية، ولد بالقسطاس بمصر سنة 887، وكان أبوه بطريقا وسمى نفسه إفتيثيوس باليونانية وتأويله سعيد، وارتقى إلى البطريركية سنة 932 وأدركته المنية سنة 939 أو سنة 940، وقد كتب كتابا في الطب؛ لأنه كان طبيبا، وكتابا في محاورة مسيحي ومبتدع، وكتابا في تاريخ صقلية، وأشهر كتبه كتابه في التاريخ من خلق الإنسان إلى أيامه بالإيجاز، وقد ترجمه سلدانوس إلى اللاتينية وعلق عليه فاتحة قال فيها ما ملخصه: «وقد وجدت في تاريخه أمورا كثيرة تتعلق بالتاريخ الكنسي والدنيوي توجب النقد والنظر، ولم أجد لها أثرا في كتب المؤلفين اليونان أو اللاتينيين أو اليهود العرب، ولم أر من ذكره من علماء أوروبا القدماء إلا غوليلموس الصوري، إذ قال في مقدمة تاريخه: إن الماريكس ملك أورشليم دفع إليه بعض كتب في جملتها تاريخ سعيد بن البطريق بالعربية، واقترح عليه أن يكتب تاريخا فاعتمد فيه على شهادة الرجل المحترم سعيد بن البطريق البطريركي الإسكندري، وقد انتقد كثيرون من العلماء بعد ذلك تاريخ ابن البطريق، وأبانوا فيه أغلاطا فاضحة، وقد رددنا نحن أقواله على الموارنة في كثير من كتبنا ومقالاتنا.»
الفصل التاسع
نامعلوم صفحہ