وروى البخارى عن ابن مسعود أنه قال: فى بنى إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء:
إنهن من العتاق الأول، وهن تلادى، فذكرها نسقا كما استقر ترتيبها.
وفى البخارى أنه ﷺ كان إذا أوى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ و«المعوذتين».
وقال أبو جعفر النحاس: المختار أن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول الله ﷺ لحديث واثلة: أعطيت مكان التوراة السبع الطوال.
قال: فهذا الحديث يدل على أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبى ﷺ وأنه من ذلك الوقت، وإنما جمع المصحف على شئ واحد؛ لأنه جاء فى هذا الحديث بلفظ يدل على تأليف القرآن بتوقيفه ﷺ.
وقال ابن الحصار: ترتيب السور ووضع الآيات موضعها إنما كان بالوحى.
وقال ابن حجر: ترتيب بعض السور على بعضها أو معظمها لا يمتنع أن يكون توقيفيا، قال: ومما يدل على أن ترتيبها توقيفى، ما أخرجه أحمد وأبو داود، عن أوس ابن أبى أوس، عن حذيفة الثقفى، قال: كنت فى الوفد الذين أسلموا من ثقيف، الحديث، وفيه: فقال لنا رسول الله ﷺ: طرأ علىّ حزب من القرآن، فأردت أن لا أخرج حتى أقضيه، فسألنا أصحاب رسول الله ﷺ قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشر، وثلاث عشرة، وحزب المفصل من «ق» حتى نختم، قال: فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هو فى المصحف الآن كان على عهد رسول الله ﷺ.
قال: ويحتمل أن الذى كان مرتبا حينئذ حزب المفصل خاصة بخلاف ما عداه.
قال السيوطى: وما يدل على أنه توقيفى كون الحواميم رتبت ولاء، وكذا الطواسين، ولم ترتب المسبحات ولاء، بل فصل بين سورها، وفصل بين «طسم» الشعراء و«طسم» القصص ب «طس» مع أنها أقصر منهما ولو كان الترتيب اجتهاديا لذكرت المسبحات ولاء، وأخرت «طس» عن القصص.
والذى ينشرح له الصدر، ما ذهب إليه البيهقى، وهو أن جميع السور ترتيبها توقيفى إلا «براءة» و«الأنفال» ولا ينبغى أن يستدل قبل «آل عمران» لأن ترتيب السور فى القراءة ليس بواجب، ولعله فعل ذلك لبيان الجواز.
وأخرج ابن اشتة فى كتاب المصاحف من طريق ابن وهب سليمان بن بلال، قال: سمعت ربيعة يسأل: لم قدمت «البقرة» و«آل عمران» وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة بمكة، وإنما أنزلتا بالمدينة، فقال: قدمتا وألف القرآن على علم ممن ألفه به، ومن كان معه فيه، واجتماعهم على علمهم بذلك، فهذا مما ينتهى إليه ولا يسأل عنه.
1 / 15