قيل له:
إِنما أشار بالكلمة-تسامحًا منه-إِلى حروف مفردةٍ موصولةٍ بأطراف الكلم لا يُقْدَر على قطعها منها ولا تستقلّ بذواتها، نحو: لام «لَقَدْ» وكاف «هُناك».
فأمّا الكلمة فلا يستحقُّها (^٥) حقيقةً إِلاّ ما يمكن الابتداء به والوقف عليه، وهذا لا يكون في أقلّ من حرفين.
فإِنْ قال:
فَلِمَ لَمْ (^٦) يبتدئ بما كان على حرفين نحو: مِنْ وَصَهْ؛ إِذ كان أول الأَبنية؟.
قيل له:
الثنائي قليل المورد في الكلام؛ مضبوط العدد في الإِحصاء، حتى لم يجئ إلاّ أداةً أو ما شاكل الأداة أو نَدْهًا (^٧) أو حكاية، ولم يكن له تصريف مع هذا، لأن أكثرَ مالَه القلبُ؛ وقلَّما يتفق استعماله على وجهين. فلمَّا كان كذلك عدل عنه إلى الأكثر مبانيَ ومعاني؛ والأوفر حظًّا من التصاريف وقِسْمًا، وهو الثلاثي.
*** واعلم: أن الخليل لمّا هَمَّ بجمع كلام العرب أجال فكره فيما يبني عليه كتابه ويدير عليه أبوابه، فنظر في الحروف كلِّها، وذاقها، ووجد مخرج الكلام كله من الحَلْق، فصيَّر أوْلاها بالابتداء أدْخَلَ حرفٍ منها في الحلق، وكان ذلك
_________
(^٥) في الأصل وك: «تستحقها»، والسياق يقتضي ما أثبتناه.
(^٦) «لم» لم ترد في ك.
(^٧) النده: الزجر.
1 / 59