محاورات الفرد نورث وايتهيد
محاورات ألفرد نورث هوايتهد
اصناف
ووجدنا عند آل هوايتهد مستر ومسز رتشارد جمير، وهو رئيس لجنة القبول لكلية هارفارد، وهما من فيلادلفيا، ميولهما الدينية صاحبية، وكان الرجل فيما سبق ناظرا لمدرسة بن تشارتر، وسرعان ما انضم إلينا و. ج. كنستابل أمين قسم الصور بمتحف بوسطن للفنون الجميلة، الذي التحق به بعد قدومه من المتحف الوطني للصور بلندن، وهو رجل إنجليزي واسع الخبرة والعلم والثقافة، رفيق محبب يود المرء أن يراه دائما. وأخيرا جاءت جريس دي فريز، في فراء أسود ومخمل أسود، وقد تضاعف لطفها المعهود وروحها العالية عندما تفادت بدخولها برودة الشتاء في المساء.
وتحدث هوايتهد عن الفروق بين القرنين السابع عشر والثامن عشر في إنجلترا، وكان من رأيه أن الإنجليز في القرن السابع عشر كانوا أشد عمقا: «كان اهتمامهم السائد بالدين، مقابل تجرد العقليين في القرن الثامن عشر من العاطفة والهوى، وهذا التجرد شيء جميل في تحقيقه، ولكنه كالمياه الضحلة نسبيا. أما جونسون، وهو رجل أشد صلابة، فكان لا يزال في جوهره مشبعا بروح القرن السابع عشر، ولو أنه التقى بفلتير لما استطاعا أن يتبادلا الحديث طويلا. ومن عيوب القرن الثامن عشر أن كثيرا من أصحاب الجد في الحياة هاجروا إلى المستعمرات، مخلفين وراءهم النوع الآخر من الناس لتكون له الكلمة. كان ملوكهم شاحبي اللون، أشباحا من عهد عودة الملكية إلى جيولف، أسرتهم المالكة من ملوك مستأنسين يحتفظون بعروشهم بحسن سلوكهم، وتدير البلاد هيئة من الطبقة الأرستقراطية. وكان جورج الثالث هو الملك القوي الوحيد، ولكنه خلط شئوننا بالمستعمرات الأمريكية خلطا سيئا، وما كان ينبغي لنا أن نحارب نابليون. وما الذي كنا نشارك فيه في ذلك الحين الملكية في القارة الأوروبية؟ كان من واجبنا أن نلزم الصمت ونراقبهم.»
وسأل كننجهام: «كم من مظاهر أمثال هذه العهود - فيما تحسب - ينشأ عن الجماعة؟ وكم منها ينشأ عن الأفذاذ من الأفراد؟» - «إن الظروف الاجتماعية المحيطة في عهد من العهود العظيمة لا بد أن تكون قائمة، بيد أن كثيرا من الأمر - إن لم يكن كله - يتوقف على فرصة وجود شخصية قوية تدفع هذه الظروف إلى الأمام، فإذا انعدم وجود هذه الشخصية تلاشى فعل الظروف. وكان جون وزلي مثالا لهذه الشخصية، وقد أشعل حماسة اثنين آخرين، أثارا الكثرة الغالبة من الناس. أما في الأوقات الناضجة، فإذا لم تظهر أمثال هذه الشخصيات الفعالة ضاعت الفرصة. إن كثيرا يتوقف على الظهور العارض لرجل عظيم يوجه قدراته نحو حاجات عصره. إنه يعبر عن هذه الحاجات.»
فسأل كننجهام: «ومن في رأيك أقدر الناس في إنجلترا اليوم؟» - «طبقة الصناع العليا.»
ولم يدهش بعضنا لهذا الرأي، غير أن كننجهام، وهو صاحب منحة رودس الدراسية سابقا بكلية الملكة في أكسفورد (عن طريق برنستون) أراد زيادة في الإيضاح، فقال: «إذن فليسوا هم العقليين؟»
فرد هوايتهد بقوله: «إنني لم أستطع قط أن أقنع أصدقائي إقناعا كافيا بأن العقليين لا يعبرون عن أمتهم. إن أردت أن تسمع صوت الأمة وأن ترقبه وهو يعمل، قف عند الطرقات الخلفية، واستمع إلى الفئة الهادئة من الطبقة الوسطى والعاملة. إنهم حين يعملون ينزوي العقليون جانبا.»
وقالت مسز هوايتهد في خفة: «إنهم الفئة، المحترمة، وأنا أبجلهم من أجل ذلك، وهم يحيون حياتهم الدينية مرة كل أسبوع.»
فسأل رتشارد جمير قائلا: «ولكن هل يطبع الدين هؤلاء الصناع؟»
فقال هوايتهد وهو يبتسم متلطفا: «إنهم - على العكس - خارجون على تقاليد الدين، لهم كنيستهم الخاصة، وأول ما يفكرون فيه هو أن الكنيسة الإنجليزية يجب أن تنحل، وهذا مما يجعلهم معتدين!»
وسألني من أين يأتي الأحرار الأمريكان أساسا في ظني. فأجلت الإجابة، وسألته: «لماذا نرى الأطباء رجعيين في تفكيرهم الاجتماعي؟»
نامعلوم صفحہ