وما هي إلا دقائق إلى أن جاءت السيدة رضوى ومعها حارسان، استلما رامز وأخذاه خارجا، أما رضوى فقالت بهدوء: «لا بأس.» وسكتت برهة، ها هي تستعد لتواصل، ستشرح لي الأمر بالتأكيد، ستقول أكثر من «لا بأس.» وبالفعل انشقت شفتاها مجددا، وقالت: «يريد أن يرتاح قليلا فذهنه مشوش.» وخرجت لتتركني وحيدا في الغرفة أنتظر عودة حلمي، وعندما لم يعد قررت البحث عنه، اقتربت من الباب محاولا الخروج بحثا عن حلمي فوجدته موصدا.
بقيت هناك في الغرفة، أنتظر أن يأتيني أحدهم لأعرف ما الذي يحدث؟ هل نسوني هنا؟ أم هو سهو آخر؟ ولم يحدث شيء. وفي اليوم التالي فتح الباب لتدخل عنايات ومعها رجل أربعيني يحمل بيده جهاز تسجيل، وما إن دخلا حتى صرخت في وجه عنايات: «لم أنا هنا؟ وماذا حل بحلمي؟»
ولم تجبني بل ارتسمت على وجهها ملامح الحزن وقالت للرجل: «إنها إحدى أعراض التهيؤات التي أخبرتك عنها.»
وهنا تماما، سمعت شيئا ما يسقط ويرتطم بالأرض.
هوية غريب
1
كثيرة هي أخطاء أمي؛ أولها أنها تزوجت أبي، وآخرها أنها لم تتخلص مني، وأبي خطاء أيضا، البداية بزواجه من أمي والنهاية أنه أنجبني، لقد أخطآ إذ أنجباني بلا هوية ولم يتخلصا من ذاك الجنين الحالم الذي سئم عتمة الرحم الدافئ، وانبعث منه صوب ضوء العالم البارد. خرجت من عالم أمتلكه لي وحدي إلى عالم مشترك فان ويأبى حتى أن يمتلكني.
إنه يقذفني كل يوم، يحاول التخلص مني، أنا الذي أشكل عبئا وجوديا عليه، فلا أنا موجود ولا أنا غائب، وقد قبلت مؤخرا أن أظل في هذه الهوة بين الوجود والعدم.
يستطيع الإنسان أن ينسل من العقبات الصغيرة، ولكن مهما نأى يبقى هنا في الهوة التي هام فيها في نطاق الكون، أستطيع مثلا أن أترك عائلتي لأعيش وحدي كشكل من أشكال العقاب، أقذفه على أمي وأبي اللذين أنجباني ولم ينجبا هويتي معي ... ومن هنا بدأت المشكلة.
لم أجد مأوى ولا وظيفة فتلك أمور مرهونة ببطاقة هوية، ولكني لم أكترث؛ فالذي لا يمتلك بطاقة الهوية «العظيمة» لا يكترث بسفاسف الأمور، «وماذا يضير الإنسان أن يعيش دون مأوى؟»
نامعلوم صفحہ