محرر وجیز
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
ایڈیٹر
عبد السلام عبد الشافي محمد
ناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
ایڈیشن
الأولى - 1422 هـ
وأما المعنى الثاني فعلى أن يكون التعفف داخلا في المحسبة أي إنهم لا يظهر لهم سؤالا، بل هو قليل.
وبإجمال فالجاهل به مع علمه بفقرهم يحسبهم أغنياء عفة، ف من لبيان الجنس على هذا التأويل، ثم نفى عنهم سؤال الإلحاف وبقي غير الإلحاف مقررا لهم حسبما يقتضيه دليل الخطاب، وهذا المعنى في نفي الإلحاف فقط هو الذي تقتضيه ألفاظ السدي، وقال الزجاج رحمه الله: المعنى لا يكون منهم سؤال فلا يكون إلحاف. وهذا كما قال امرؤ القيس: [الطويل] على لاحب لا يهتدى بمناره.
أي ليس ثم منار فلا يكون اهتداء.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: إن كان الزجاج أراد لا يكون منهم سؤال البتة فذلك لا تعطيه الألفاظ التي بعد لا، وإنما ينتفي السؤال إذا ضبط المعنى من أول الآية على ما قدمناه، وإن كان أراد لا يكون منهم سؤال إلحاف فذلك نص الآية، وأما تشبيهه الآية ببيت امرئ القيس فغير صحيح، وذلك أن قوله: على لاحب لا يهتدى بمناره وقوله الآخر: [البسيط] .
قف بالطلول التي لم يعفها القدم وقول الشاعر: [المتقارب]
ومن خفت من جوره في القضا ... ء فما خفت جورك يا عافيه
وما جرى مجراه ترتيب يسبق منه أنه لا يهتدى بالمنار، وإن كان المنار موجودا، فلا ينتفي إلا المعنى الذي دخل عليه حرف النفي فقط، وكذلك ينتفي العفا وإن وجد القدم، وكذلك ينتفي الخوف وإن وجد الجور، وهذا لا يترتب في الآية، ويجوز أن يريد الشعراء أن الثاني معدوم فلذلك أدخلوا على الأول حرف النفي إذ لا يصح الأول إلا بوجود الثاني، أي ليس ثم منار، فإذا لا يكون اهتداء بمنار، وليس ثم قدم فإذا لا يكون عفا، وليس ثم جور فإذا لا يكون خوف، وقوله تعالى: لا يسئلون الناس إلحافا، لا يترتب فيه شيء من هذا، لأن حرف النفي دخل على أمر عام للإلحاف وغيره، ثم خصص بقوله: إلحافا جزءا من ذلك العام فليس بعدم الإلحاف ينتفي السؤال، وبيت الشعر ينتفي فيه الأول بعدم الثاني إذ دخل حرف النفي فيه على شيء متعلق وجوده بوجود الذي يراد أنه معدوم، والسؤال ليس هكذا مع الإلحاف، بل الأمر بالعكس إذ قد يعدم الإلحاف منهم ويبقى لهم سؤال لا إلحاف فيه، ولو كان الكلام لا يلحفون الناس سؤالا لقرب الشبه بالأبيات المتقدمة، وكذلك لو كان بعد لا يسألون شيء إذا عدم السؤال، كأنك قلت تكسبا أو نحوه لصح الشبه، والله المستعان وقوله تعالى: وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم وعد محض أي يعلمه ويحصيه ليجازي عليه ويثيب.
قوله تعالى:
[سورة البقرة (2) : الآيات 274 الى 275]</span>
الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (274) الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (275)
صفحہ 370