309

المحلى

المحلى

ایڈیٹر

عبدالغفار سليمان البنداري

ناشر

دار الفكر

پبلشر کا مقام

بيروت

فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ بِيَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ وَهُوَ أَيْضًا مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْخَبَرِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلًا.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ حَدَّ ذَلِكَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ الْخَمْسَ عَشْرَةَ، فَوَجَدْنَاهُمْ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ إلَّا مُرَاعَاةُ عَدَدِ الصَّلَوَاتِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَفِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ بِلَيَالِيِهِنَّ وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ، لِأَنَّهُ إذَا مَسَحَ الْمَرْءُ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الضُّحَى بِالْمَسْحِ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَهَا إلَى الظُّهْرِ وَكَذَلِكَ مَنْ مَسَحَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فِي آخِرِ وَقْتِهَا فَإِنَّهُ يَمْسَحُ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ الْعَتَمَةَ، ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُوتِرَ وَلَا أَنْ يَتَهَجَّدَ وَلَا أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بِمَسْحٍ، وَهَذَا خِلَافٌ لِحُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِأَنَّهُ ﵇ فَسَّحَ لِلْمُقِيمِ فِي مَسْحِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَهُمْ مَنَعُوهُ مِنْ الْمَسْحِ إلَّا يَوْمًا وَبَعْضَ لَيْلَةٍ، أَوْ لَيْلَةً وَأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ، وَهَذَا خَطَأٌ بَيِّنٌ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُمْ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ نَامَ عَنْهُنَّ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ - وَكَانَ قَدْ تَوَضَّأَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ عَلَى طَهَارَةٍ ثُمَّ نَامَ - أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا، فَإِذَا أَتَمَّهُنَّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْسَحَ بَعْدَهُنَّ بَاقِيَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، وَهَذَا خِلَافُ الْخَبَرِ، فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ بِمُخَالَفَتِهِ لِلْخَبَرِ وَتَعَرِّيه مِنْ أَنْ يَكُونَ لِصِحَّتِهِ بُرْهَانٌ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ أَحْمَدَ فَوَجَدْنَاهُ يُلْزِمُهُ إنْ كَانَ إنْسَانٌ فَاسِقٌ قَدْ تَوَضَّأَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ عَلَى طَهَارَةٍ ثُمَّ بَقِيَ شَهْرًا لَا يُصَلِّي عَامِدًا ثُمَّ تَابَ: أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ مِنْ حِينِ تَوْبَتِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ ثَلَاثًا إنْ كَانَ مُسَافِرًا.
وَكَذَلِكَ إنْ مَسَحَ يَوْمًا ثُمَّ تَعَمَّدَ تَرْكَ الصَّلَاةِ أَيَّامًا فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ لَيْلَةً، وَهَكَذَا فِي الْمُسَافِرِ، فَعَلَى هَذَا يَتَمَادَى مَاسِحًا عَامًا وَأَكْثَرَ، وَهَذَا خِلَافُ نَصِّ الْخَبَرِ، فَسَقَطَ أَيْضًا هَذَا الْقَوْلُ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا قَوْلُنَا.
فَنَظَرْنَا فِيهِ فَوَجَدْنَاهُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ الَّذِي صَحَّ عَنْهُ وَمُوَافِقًا لِنَصِّ الْخَبَرِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَهُ بِأَنْ يَمْسَحَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ إنْ شَاءَ، وَأَنْ يَخْلَعَ مَا عَلَى رِجْلَيْهِ، لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا يُجْزِيهِ غَيْرُهُمَا، وَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ ﷿، فَاسِقٌ إنْ لَمْ يَأْتِ بِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ مَسَحَ فَلَهُ ذَلِكَ وَقَدْ أَحْسَنَ، وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، أَوْ أَخْطَأَ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَاسِيًا وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ، وَقَدْ مَضَى مِنْ الْأَمَدِ الَّذِي وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُدَّةٌ، وَبَقِيَ بَاقِيهَا فَقَطْ، وَهَكَذَا إنْ تَعَمَّدَ أَوْ نَسِيَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ لِلْمُقِيمِ وَالثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ بِلَيَالِيِهِنَّ

1 / 331