مغالطات منطقیہ
المغالطات المنطقية: فصول في المنطق غير الصوري
اصناف
relevance
ووقع في خطأ منطقي عتيد يطلق عليه «المغالطة المنشئية»
genetic fallacy .
قد تعد المغالطة المنشئية ضربا من «البخل» المعرفي أو الذهني، فالبحث والتقصي لمعرفة التبرير المنطقي لاعتقاد ما قد يكون مرهقا ويتطلب وقتا وجهدا سخيا، ونحن قلما نسخو بالطاقة الذهنية عندما تتوافر لدينا خيارات أقل كلفة، من ذلك أن ننظر في أصل الاعتقاد ونتخذه معيارا لتقدير نصيبه من الصدق، لعلنا قد تبنينا هذا اللون من الاقتصاد الذهني عبر تطورنا النوعي؛ لأنه يسعفنا في أحيان كثيرة، وبخاصة عندما يكون الاستقصاء الدقيق بطيئا بدرجة خطرة، غير أن علينا أن نعترف أن هذه الآلية وإن تكن معينة على البقاء فهي ليست أوثق الطرق لاكتشاف الحقيقة.
بالإنسان إذن ولع متأصل بمعرفة مصدر الحجة، وقلما يولي الناس ثقتهم بآراء جاءت من مصدر يمقتونه، بغض النظر عن المزايا الفعلية لهذه الآراء نفسها، وكأنهم يقولون: فلتذهب هذه الآراء إلى الجحيم مع أصحابها؛ ربما لذلك تسمى هذه المغالطة أحيانا
damning the origin (لعن المصدر أو الأصل)، يتناسى هؤلاء أن الحجة إنما تنهض على أرجلها الخاصة وتستند إلى معايير صدقها وتقف بمعزل عن أصلها ولا تستقي منه قوة ولا ضعفا.
تجد هذه الآلية الفكرية مرتعا خصيبا في عالم الأفكار الرائجة والصيحات الفكرية السائدة، فيكفي أن تجلس في جمع من أدعياء الثقافة وتقول «هكذا قال رولان بارت أو جاك دريدا.» أو «هكذا يذهب تيار ما بعد الحداثة.» لكي يحظى قولك بالإكبار والإعجاب، كذلك حين تأتي التزكية للفكرة، أو للعمل، من مصدر ذي مكانة واعتبار فلا تدرك وجاهتها إلا منعكسة من وجاهة المصدر، كأنما تستعير منه الهيبة والجدارة، يذكر أن طاغور عندما أسندت إليه جائزة نوبل تنادى قومه لتكريمه والاحتفال به، فقال في شيء من الاستهانة والازدراء «إنهم يكرمون التكريم!» أي إنهم لم يفطنوا إلى قيمته من قبل، وإنما جاءوا لتكريمه بعد أن جاءته جائزة نوبل.
1
وفي محاورة فايدروس لأفلاطون يبين سقراط حجة معينة باختراع أسطورة صغيرة عن المصريين القدماء، فيرد عليه فايدروس بقوله: إن بوسع سقراط بطبيعة الحال أن يخترع قصصا عن المصريين القدماء أو عن أي مكان يشاء، عندئذ يرد سقراط على هذا النقد باختراع أسطورة إضافية:
يروى أن أولى النبوءات قد صدرت عن شجرة بلوط في محراب زيوس في دودونا، ولم يكن الناس قديما في بساطتهم على شاكلتكم معاشر الشباب في فلسفتكم، بل كانوا لا يستنكفون أن يسمعوا الحقيقة ولو من شجرة بلوط أو صخرة، فبحسبهم أنها الحقيقة، أما أنت فلا تقنع فيما يبدو بما إذا كان شيء ما حقا أم لا، بل يعنيك من القائل ومن أي بلاد تأتي الرواية.
نامعلوم صفحہ