مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
اصناف
غير أن طبيعة الظاهرة اللغوية ليست دائما منطقية أرسطية على هذه الشاكلة، وكلنا يقول «أعتذر عن الحضور» إذا ترك نفسه لسليقته، أو يتعمل ويقول «عن عدم الحضور» وفي النفس شيء من هذا التصويب، وكأن لجنة الألفاظ والأساليب بالمجمع قد آنست شيئا من ذلك فأجازت التعبير المرفوض، «على اعتبار «عن» للمجاوزة، فالمعتذر يعتذر لأنه تجاوز الحضور الذي ينبغي له ألا يتجاوزه، بينما رفض مجلس المجمع ومؤتمره قرار اللجنة.»
121
يقول العقاد في كتابه «أنا»: «كما لاحظ بحق أحد أصدقائي، حين علم مرة باعتذاري من تلبية الدعوة إلى كثير من السياحات، وبعضها بغير نفقة على الإطلاق.»
122
حين كتب العقاد: «اعتذاري من تلبية الدعوة» وليس «اعتذاري من عدم تلبية الدعوة»، كان يطير بجناح مضري يعبر كل لفظ نافل، ويكره الثقل النغمي وكثرة المضافات، ويثق في فطنة سامعه، ويحذف كل ما دلت عليه القرينة، بينما ظل هواة قل ولا تقل يعثرون عثارا أرضيا ويعكزون على عكازات أرسطية ويدبون دبيبا!
نلعب في الوقت الضائع
إذا كانت اللغات جميعا لغات تمشي فإن العربية لغة تطير!
قريب من ذلك أيضا تعبير «يلعب في الوقت الضائع»، ونعلم جميعا أن الصواب «يلعب في الوقت بدل الضائع»، بعد تدخل المعالجة «المنطقية» للمسألة، وإفسادها لجمال التعبير الأصلي «في الوقت الضائع» الذي نحس له وقعا شعريا مؤثرا،
123
تقف الذائقة غير قريرة: ثمة قيمة أهدرت ... شيء من قلب اللغة قد احترش ... شيء من سر العربية أهين، لكأن الكيان المجازي قد لم متاعه ورحل!
نامعلوم صفحہ