مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
اصناف
لعب دورا
مثل: «لعب دورا مهما في السياسة الخارجية.»
أدرجنا هذا المثال لأنه يثير قضيتين أو يطرح مبدأين:
92 (1) التطور الدلالي الحثيث لبعض الألفاظ. (2) ضرورة الإذعان في بعض الأحيان لضغط اللغة الأجنبية.
يخطئ البعض هذا الاستعمال لأن معناه اللهو وهو معنى غير مناسب في هذا المقام، يقول الأستاذ العقاد في كتاب «أشتات مجتمعات في اللغة والأدب»، بصدد ترجمة المفردات أو العبارات: «ومن ذلك قولهم: إن هذا أو ذاك، يلعب دورا خطيرا في السياسة أو التاريخ أو شئون الحياة العامة»، وقد يقبح الذوق في اختيار المواضع لهذه العبارة حتى يقول القائل: «إن الدين يلعب دورا جديا في المسائل الاقتصادية»، أو يقول قائلهم: «إن ذاك البطل العظيم لعب دورا هاما في تشريع زمانه» إلى أمثال هذا السخف الذي يتحرج منه أصحاب اللغة الأجنبية أنفسهم عند استخدام هذه العبارات، ولو أنهم أخذوا مادة «اللعب» بحرفها كما وضعت أصلا لم يكن لهذا الموقع المعيب عند سامعيها من العارفين بمعانيه؛ لأن أصل المادة عندهم يشمل «الاشتغال» ويشمل «الحركة» التي تحمل الإنسان وراء مشيئته، ومنها جاءت حركة الرقص وحركات اللعب والطرب، وأشباه هذه الحركات التي تدخل فيها حركة اللعب الهازل وغير الهازل، ولكن الأصل في مادة «اللعب عندما يرجع إلى المهازل الصبيانية ويأتي، على ما نرجح، من قولهم «لعب الصبي أي سال لعابه» ولعب فلان أي صنع صنيع الصبيان، وليست الكلمة على معنى من معانيها الأصلية أو الطارئة بالتي تصلح للاقتران بمعاني التقديس ومعاني الخطر والتعظيم.»
93
كتب الأستاذ العقاد رحمه الله هذا الكلام منذ أكثر من نصف قرن، وقد كان على حق في وقته، غير أن نصف قرن من السنين حدثت فيه تحولات وجرت مياه كثيرة، وتطورت دلالة «اللعب» تطورا عظيما، وأصبحت في جميع الثقافات معادلا للأداء والممارسة، واتشحت بوشاح «الجد»، ودخل أنالوجي (مماثلة) «اللعب» في نظريات فلسفية كثيرة، وحتى الألعاب الرياضية أصبحت مؤسسات محلية ودولية هائلة، لديها تمويلات طائلة وفعاليات خطيرة.
قناعة
لديه قناعة بهذا الموضوع.
هذا شيء لا يمس قناعاته.
نامعلوم صفحہ