طبيعة الدنيا أن يبقى أحد أكثر منه فيها، وإليها أشار بقوله تعالى: وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ [الحج/ ٥]، وقصدهما الشاعر بقوله:
٨-
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب ... تمته....
«١»
وقول الآخر:
٩-
من لم يمت عبطةً يمت هرمًا
«٢» والآجِل ضد العاجل، والأَجْلُ: الجناية التي يخاف منها آجلًا، فكل أَجْلٍ جناية وليس كل جناية أجلًا، يقال: فعلت كذا من أجله، قال تعالى: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ [المائدة/ ٣٢]، أي: من جرّاء، وقرئ: (من إجل ذلك) «٣» بالكسر. أي: من جناية ذلك.
ويقال: (أَجَلْ) في تحقيق خبرٍ سمعته. وبلوغ الأجل في قوله تعالى: وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ [البقرة/ ٢٣١]، هو المدة المضروبة بين الطلاق وبين انقضاء العدة، وقوله تعالى: فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ [البقرة/ ٢٣٢]، إشارة إلى حين انقضاء العدّة، وحينئذ لا جناح عليهنّ فيما فعلن في أنفسهن.
أحد
أَحَدٌ يستعمل على ضربين:
أحدهما: في النفي فقط «٤» .
والثاني: في الإثبات.
فأمّا المختص بالنفي فلاستغراق جنس الناطقين، ويتناول القليل والكثير على طريق الاجتماع والافتراق، نحو: ما في الدار أحد، أي: لا واحد ولا اثنان فصاعدا لا مجتمعين ولا مفترقين، ولهذا المعنى لم يصحّ استعماله في
_________
(١) البيت لزهير بن أبي سلمى من معلقته، وتمامه:
ومن تخطئ يعمّر فيهرم
وهو في ديوانه ص ٨٦، وشرح القصائد للنحاس ١/ ١٢٥، وبصائر ذوي التمييز ٢/ ١٠٩.
(٢) الشطر لأمية بن أبي الصلت، وتتمته:
للموت كأس فالمرء ذائقها
وهو في ديوانه ص ٢٤١، والعباب (عبط)، واللسان (عبط)، وغريب الحديث للخطابي ١/ ٤٤٦، وذيل أمالي القالي ص ١٣٤.
(٣) وهي بكسر الهمزة مع قطعها قراءة شاذة حكاها اللحياني، وقرأ أبو جعفر بكسر الهمزة ونقل حركتها إلى النون، ووافقه الحسن، انظر: الإتحاف ص ٢٠٠، واللسان (أجل) .
(٤) قال المختار بن بونا الجكني الشنقيطي في تكميله لألفية ابن مالك:
وعظّموا بأحد الآحاد ... وأحد في النفي ذو انفراد
بعاقلٍ، ومثله عريب ... كما هنا من أحدٍ قريب
1 / 66