وفي هذه الأيام، في غيبة القاضي الشافعي، وجد بالجامع الأموي ورقات، فيها نظم، هجي فيه القاضي المذكور ونوابه واحدًا بعد واحد، وهو نحو الأربعةعشر نائبًا، وظن بعضهم أنه نظم قطب الدين ابن القاضي كمال الدين ابن سلطان الديوان، وهو شاب طالب علم على مذهبنا في حدود الحديثة العشرين، لأنه سعى عنده في وظيفة من وظائف المرحوم مفتي الحنيفة ابن العيني فلم يقرره فيها، فأطلق لسانه فيه وفي نوابه، منهم الخطيب ابن الصيرفي بكلمات، منها: الكفر.
وفي يوم الاثنين رابع شعبان منها، لبس أحد الألوف برد بك خلعة أمرة الحج.
وفيه دخل خاصكي القود أمير آخور.
وفيه شاع بدمشق وفاة الشيخ بدر الدين بن زهرة بطرابلس، وصلي عليه غائبة بالجامع الأموي يوم الجمعة ثامنه.
وفي يوم السبت سادس عشره قدم القاضي الشافعي من سفره، الذي كان فيه لأجل القاضي كاتب السر ابن مزهر، فلم يدركه، ثم مر على بلاده تفقدها. - وفيه جاء جماعة من العسكر وأخبروا أنه ذهب على جرائد الخيل إلى جهة علي دولات، وأرسل بركهم إلى حلب، وضربوا بعض المكارية والمشاة.
وفي يوم الخميس حادي عشريه هجم أوائل المشاة، ومعهم ابن إسماعيل شيخ بلاد نابلس، وأوائل العسكر، إلى داخل باب الملك، من طريق دلوا عليه، فخرج عليهم من خلفهم كمين ابن عثمان من البحر وغيره، وذهب خلفهم جانب عظيم من العسكر، وأخذوهم وسطا، وقتلوا منهم خلقًا كثيرًا، وغرق من الفريقين آخرون، منهم مشد الشون، ونائب حماة سيباي.
وفي يوم الجمعة عقب الصلاة تاسع عشريه اجتمع قاضي القضاة الحنابلة، وفضلاء الشافعية، عند القاضي الشافعي، وطلب القاضي شمس الدين الحلبي، أحد نواب الحنفية، وكلمه الشافعي في الحكم للنفس، فقال: مذهبي لي أن أحكم لنفسي، فوقع به، وأمر بحبسه، وحصل له إهانة وبهدلة وشماتة بعض أبناء جنسه فيه، وكان قبل ذلك معجبًا بكثرة العلم.
وفي هذا اليوم تحدث بعض الناس أن هلال شعبان كان أوله الخميس، وأسند رؤيته إلى رجال، وأخبر بذلك القاضي برهان الدين بن المعتمد، ولم يثبت بطريقة، وأخبر المؤقتون بأن هلال رمضان ليلة السبت هذه على نحو ثمان درج، ثم ثبت عليه أن أول شعبان يوم الخميس، ثم أشعلت قناديل الجوامع في هذه الليلة، وأصبح الناس صيامًا.
وقد رخص حينئذٍ البطيخ الأصفر بحيث أن رطله بنحو ربع درهم، وقريب منه الأخضر، والعنب الداراني بنحو نصف، ومثله الزيني والدراق النيربي، والخبز بنحو درهم ونصف، أو
1 / 82