فقلنا إن الترتيب الأول طبيعي ثابت الدلالة في التذكير والتأنيث وأما هذا الثاني فترتيبه عرضي لأنه سريع التغيير والانتقال من حاله إلى حاله والترتيب الطبيعي أصح دلالة من الترتيب العرضي فإن اتفقا في الدلالة على التذكير أو التأنيث كان ذلك أصح وإن اختلفا كان البرج الدال على التذكير والتأنيث الطبيعي أولى بالدلالة من العرضي على أن الأوائل كانت ربما استعملت الترتيب العرضي في الدلالة على التذكير والتأنيث في خواص من الأشياء الفصل التاسع في البروج النهارية والليلية
لما كانت هذه البروج الاثنا عشر تدور علينا في كل يوم وليلة مرة واحدة وكان النهار إنما هو من طلوع الشمس من الأفق إلى غيبو بتها عن الأفق والليل من غيبو بتها من الأفق إلى طلوعها من الأفق وطبيعة النهار حارة وطبيعة الليل باردة والليل يتبع النهار جعلوا أول البروج الحار الذي هو الحمل نهاريا والثور البارد الذي يتلوه ليليا ثم الجوزاء نهاري والسرطان ليلي وكذلك سائر البروج نهاري ثم ليلي
فأما قوم ممن لم يعرفوا الأشياء الطبيعة وترتيبها فإنهم جعلوا أربعة منها نهارية وهي الحمل والسرطان والأسد والقوس وأربعة ليلية وهي الجوزاء والميزان والجدي والدلو وأربعة ممتزجة مع النهارية والليلية وهي الثور والسنبلة والعقرب والسمكة فجعلوا السرطان وهو برج أنثى على ما كنا ذكرناه في الترتيب الطبيعي للنهار وجعلوا الجوزاء والميزان والدلو وهي بروج ذكورة في الترتيب الطبيعي ليلية وجعلوا الثور والسنبلة والعقرب والحوت وهي بروج إناث في الترتيب الطبيعي ممتزجة مع النهار والليل وقالوا هي بالنهار نهارية وبالليل ليلية ولم يحتجوا على ذلك بشيء غير أنهم ذكروا ذلك في كتبهم ذكرا مرسلا وهذا غير موافق لما ذكرته الأوائل من الترتيب الطبيعي للبروج النهارية والليلية
صفحہ 222