وقد يتغير أيضا أحد طبيعتهما من حال إلى حال على قدر طبيعة برجهما وحالهما من أرباع الفلك بسائر الأنواع التي ذكرنا آنفا فتفقد ذلك منهما عند اقترانهما لأنهما إذا اقترنا وتمازجا بكيفيتين واعتدلت قوتهما دلا على نهاية دلالتهما على السعادة وإذا كان عند اقترانهما يتمازجان بكيفية واحدة تنقص دلالة سعادتهما على القدر الأول فأما ممازجتهما بكيفيتين فهي على ثلاث جهات الأولى أن يكون المريخ حارا رطبا وزحل باردا يابسا والثانية أن يكون المريخ حارا يابسا وزحل باردا رطبا والثالثة أن يكون المريخ حارا رطبا وزحل باردا رطبا فإذا كانا على واحدة من هذه الحالات الثلاثة فإنهما يتمازجان بكيفيتين ويدلان على الموافقة والخير والسعادة لأنهما إذا صارا رطبين نقصت تلك الرطوبة من حرارة المريخ وبرد زحل ويصيران في طبيعة الاعتدال ويدلان على السعادة وعلى هذا النحو تكون ممازجة كيفية النوعين الآخرين فأما ممازجتهما بكيفية واحدة فهو أن يكون المريخ حارا يابسا وزحل باردا يابسا فإذا تقارنا على هذه الحال كانت ممازجتهما بكيفية واحدة وكانا أقل اعتدالا وممازجة لأنهما إذا صارا يابسين زاد ذلك اليبس في حرارة المريخ وقوي برد زحل ونقص اعتدالهما ودلا على الخير القليل وكل شيء يدل عليه زحل والمريخ باجتماعهما من السعادة والخير في ابتداء الأعمال والحوائج والمواليد وتحاو يل السنين فإنه بطبيعتهما النحسة يدلان على أنه يكون في تعب ونصب ومشقة ويشو بان ذلك بالأذى والمكروه ويحملان النفس والبدن على الأهوال المحرقة فإن أعانتهما السعود في وقت الدلالة تخلص منهما بعد ذلك وإلا كان عطبه فيه ومع معرفة امتزاج كيفياتهما عند اقترانهما ينبغي أن يعرف الأقوى منهما من الجهة التي ذكرنا لأن طبيعته وفعله يكون أقوى وأظهر
فأما الشمس فإن لها عند مقارنتها للكواكب حالا خلاف حال مقارنة الكواكب بعضها بعضا لأنها كلها إذا صارت تحت شعاعها أحرقتها وضعفت قواها وأشد الكواكب ضررا بالاحتراق القمر والزهرة لأنهما باردان رطبان فإذا دخلا الاحتراق حللتهما الشمس بحرارتها ويبست رطو بتهما وأضرت بهما على قدر معاداة جوهر الشمس لجوهرهما فأما زحل والمشتري فإن الاحتراق لهما أقل ضررا لأنهما يوافقان الشمس في بعض طبعهما أما المشتري فيوافقها بالحرارة وأما زحل فباليبس وضرر بهرام وعطارد إذا كانا مستقيمين بالاحتراق دون ضررها كلها لأنهما من جوهر الشمس والجوهر لا يضر بجوهره ولا يفسده
فلهذه العلل صار بعضها على الاحتراق أقوى من بعض وبعضها يمازج الشمس وتمازجه هي أيضا بطبيعتها وبعضها يسعدها وبعضها ينحسها فالمريخ وزحل إذا صارا تحت شعاع الشمس وأحرقتهما فإنهما ينحسانها أيضا بعض المنحسة لاجتماعهما معها إلا أن ما ينالهما من فساد الاحتراق بالشمس أكثر مما ينالها من منحستهما ومنحسة الشمس من المريخ إذا كان تحت شعاعها أكثر منها من زحل لأن الشمس ربما مازجته بكيفيتين وربما مازجته بكيفية واحدة وليس حالها مع المريخ كذلك فأما بأية كيفيتين يتمازجان فالعمل فيه كالعمل لزحل والمريخ إذا اقترنا لأن الشمس حارة يابسة وربما كانت حارة رطبة وزحل بارد يابس وربما كان باردا رطبا ويعرف انتقال كل واحد منهما من طبيعة إلى أخرى من الجهات الأربع اللواتي ذكرنا قبل
صفحہ 752