فإذا أردنا أن نعلم أسعد هذه الثلاثة وأقواها فوجدنا الزهرة وعطارد أسفلين وأكثر ما يكون بعد الزهرة عن الشمس سبعة وأربعون درجة ودقائق وبعد عطارد سبعة وعشرون درجة ودقائق ووجدنا عطارد أكثرها احتراقا ووجدنا المشتري علو يا يبعد عن الشمس مائة وثمانين درجة ووجدنا للمشتري خاصيتين قو يتين ليستا للزهرة ولا لعطارد فأما الخاصية الأولى فإنه علوي وأما الخاصية الثانية فإنه يتباعد عن الشمس مائة وثمانين درجة فلما وجدنا له هاتين الفضيلتين علمنا أنه أسعد الثلاثة وأما الزهرة فإنها فوق عطارد وبعدها من الشمس أكثر من بعده وهي أقل احتراقا ورجوعا منه فصارت الزهرة بعد المشتري في السعادة وفوق عطارد فمن هذه الجهة علموا أي كوكب منها السعد وأيها النحس وأيها الممتزج وإن الشمس أسعد الكواكب ثم بعدها القمر ثم المشتري ثم الزهرة ثم عطارد وإن زحل أنحس من المريخ وإن لكل واحد منها خاصية في الدلالة على السعادة والنحوسة ليست لغيره من الكواكب
فأما كثير من الأوائل فزعموا أنهم إنما عرفوا السعود والنحوس بالتجارب وهذه السعودة والنحوسة التي للكواكب قد تختلف لأن زحل والمريخ وإن كانا نحسين لفعلهما الحر المفرط والبرد المفرط في بعض المواضع فإنه يحدث من فعلهما في غير ذلك الموضع الاعتدال فيصيران في طبع السعود للقوم الذين يعتدل هواؤهم والسعود وإن فعلت الاعتدال في فصول السنة فصارت سعودا بسببها فإنها ربما صارت لها حالات مختلفة فتصير في طبع النحوس بحالاتها تلك لأن الكوكب في وقت واحد قد يتحرك وينتقل بحركته من موضع إلى موضع ويسامت موضعا من المواضع ويصعد في بعض أفلاكه ويهبط في آخر وتختلف حالاته اختلافا كثيرا طبيعيا كنحو ما ذكرناه وما نذكره
صفحہ 390