138

مدخل کبیر

اصناف

فهذا جمل ما ذكر لنا علماء البحريين من حال هذين البحرين ولكل بحر من البحار حال خلاف حال البحر الآخر في كل أوقات السنة على قدر إقليمه وعرضه وبعده من مدار الشمس في ذلك الوقت إلا أنه ليس قصدنا هاهنا أن نصف حالات البحار كلها وإنما أردنا بذكر اختلاف حال هذين البحرين أن نخبر أنه كما صار للشمس في كل واحد من بحر فارس والهند خاصية فعل خلاف فعلها في الآخر فكذلك لها في كل بحر من البحار في كل وقت من أوقات السنة من خاصية الفعل شيء ليس لها في غيرها من البحار الفصل التاسع في دلالة القمر على الحيوان والنبات والمعادن في زيادته في ضوئه ونقصانه منه

قد ذكرنا فيما تقدم خاصية دلالة القمر على المد والجزر وعلى سائر حالاتهما وأن القمر هو علة تنفس ماء البحر وليس هذا الماء البحري المالح هو وحده الذي يعلو أو ينخفض مع ارتفاع القمر وانخفاضه ويزيد وينقص بزيادته في ضوئه ونقصانه بل أصناف كثيرة من سائر الأجناس لأنا قد نجد أشياء كثيرة ما دام القمر زائدا في الضوء ومسامتا لموضع من المواضع فإنه يزيد فيها زيادة كثيرة وما دام القمر ناقصا في ضوئه أو هابطا عن سمت رؤوسهم لم يزد إلا زيادة قليلة وهذا موجود في أصناف كثيرة من الحيوان والأشجار والأعشاب والمعادن فأما أبدان الحيوان فإنها في وقت زيادة القمر في ضوئه تكون أقوى وتكون السخونة والرطوبة والكون والنمو عليها أغلب وبعد الامتلاء تكون الأبدان أضعف والبرد عليها أغلب وتكون الأخلاط في بدن الإنسان كالدم والبلغم وغير ذلك ما دام القمر زائدا في ضوئه فإنها تكون في ظاهر الأبدان والعروق ويزيد ظاهر البدن بلة ورطوبة وحسنا وإذا نقص ضوء القمر صارت هذه الأخلاط في غور البدن والعروق وزاد ظاهر البدن يبسا

صفحہ 334