152

مذكرات الشباب

مذكرات الشباب

اصناف

يعلل المنتصرون للحاضر وقوع الطلاق في هذه الأحوال بأنه عقاب للرجل على تسرعه، وإذا سلمنا أن الرجل أخطأ فما ذنب المرأة وما ذنب الأولاد وما ذنب أهلها؟! أي عدالة توقع العقاب على رأس بريء إلا عدالة مجرمة؟ ألا إن ربنا أكبر عفوا وأوسع حلما من هذا ولكن الناس إلى الظلم أميل.

وقوع الطلاق على هذا الشكل لا شك بقية من بقايا الفكرة العتيقة الخاطئة، فكرة أن المرأة لا روح لها، تلك الفكرة التي يدعي عليها كثير من الغربيين أنها من ديننا وهو منها بريء، جاءت أيام الجهل حين كانت تدخل الأفكار الزائفة فتجد في الوجود مجالا، ثم بنيت عليها أحكام ليست أقل منها فسادا.

لنرجع في أحكامنا وتشريعنا إلى أصل الدين وهدى العقل ونوره؛ نبلغ كثيرا من السعادة التي يطلبها الناس من وراء قوانينهم، وإلا فما دمنا نرى الجرح الدامي ولا نستطيع أن نضع يدنا عليه فسيبقى الدم ينزف حتى يبلغ بنا الحال إلى ضعف كبير، أخشى أن يكون إلى الموت.

3 (يجوز للحر أن يتزوج أربع نسوة في عقد واحد أو عقود متفرقة.)

تلك هي المادة (19) من قانون الأحوال الشخصية الذي اعتمد عليه، لا لأنه القانون المتبع عندنا، ولكنه خلاصة بحث في مذهب الإمام أبي حنيفة.

رأى الأستاذ الشيخ محمد زيد الأبياني في شرحه هذا الكتاب أن زواج أربعة في عقد واحد ليس من الأمور السهلة التصور على الشكل المعتاد؛ إذ لا يعقل أن يقبل أربع نسوة أن يكن معا زوجات رجل واحد، فضرب مثلا أقرب للعقل وأسهل في التصديق، قال في صحيفة (38) من الجزء الأول ما نصه: (بل يقتصر على أربع نسوة في عصمته سواء كان تزوجهن في عقود متفرقة، كما إذا تزوج كل شهر مثلا واحدة أو في عقد واحد بأن وكل أربع نسوة رجلا في أن يزوجهن لفلان فقال هذا الوكيل للرجل زوجتك موكلاتي فلانة وفلانة ... إلخ، فقبل الرجل صح هذا العقد بالنسبة إلى الجميع إذا لم يكن متزوجا غيرهن.)

والأستاذ طبعا يريد أن كلا وكلنه وهي لا تعلم توكيل الأخريات.

ما أظن في القوانين الشرعية شيئا يقف في وجه القرآن أكثر من هذه المادة، هي ضد روح الآيات التي نزلت في تعدد الزوجات وضد لفظها أيضا، وما أدري كيف تكون من الشرع في شيء بعد ذلك.

حدد القرآن مسألة التعدد بحدود شديدة ولم يبحها إلا عند الضرورة، فقوله تعالى:

فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة

نامعلوم صفحہ