119

مذكرات الشباب

مذكرات الشباب

اصناف

كنا إذ ذاك في أوائل أبريل، ورأيت أني أكاد أنصرف عن القسم الأكبر من عملي، فلم أكد آخذ كلمة من صديقي (ش. ب.) يدعوني فيها للسفر معه إلى التورين حتى فكرت في قبولها جديا، وفعلا قبلتها وسافرنا الخامس من هذا الشهر.

بلاد التورين بلاد سهلة لا جبل فيها، وتحوي جمال البلاد السهلة كما تمتاز ببديع غروب الشمس، وفيها القصور الفخمة القديمة يحكي بعضها ببهائه عن ذوق حلو والآخر بقدمه وقوته عن عظمة ذات أصل في التاريخ.

في بعض هذه القصور سجون تحت الأرض لا يدخلها الضوء ولا الهواء إلا رغما، ويحكي الحراس من قصص المسجونين فيها ما يحفظ القلب على ملوك كان كل همهم السلطان المطلق على رعيتهم.

الفصل الثامن

في إيطاليا

لوجانو في 20 يوليو

كنت على القارب الذي يقوم من هنا الساعة الثامنة ونصف صباحا قاصدا بونتي تريزا، وهو قارب صغير الحجم أو دونه.

سار القارب حتى وصلنا إلى الحدود الإيطالية، هنالك مر عمال الجمرك، وما أثقلهم، فجعلوا يفتحون أصغر حقائب السفر ثم يختمونها ولم يتركوا من غير تفتيش إلا الجيوب وحقائب السيدات، ولقد حدق بي أحدهم وأنا أخرج صندوق السجائر من جيبي، وهز رأسه كأنه يأسف أن ليس عنده من الإقدام ما يجعله يضبطه، وكان هؤلاء العمال بشائر إيطاليا، فإن يك هذا فويلي من الطليان ما أقبحهم!

إذا رأيت أشخاصا بالغات في القبح فاحكم بأنهن أمريكيات وربما كن إنكليزيات، ولقد صادفت خارجتين من القارب عند (پورتو سريزو) تشمئز لمرآها العين، ولم يكد يرتد إلي طرفي حتى صدقتا حكمي عليهما أنهما أمريكيتان بأن تراطنتا بالإنكليزية الأمريكية.

صباحنا اليوم كثير الغيوم؛ فلقد اشتمل الجبال المحيطة بالبحيرة ضباب كثيف جعلها تظهر كلما ابتعد القارب ولو قليلا عنها كأنها أشباح مخوفة هائلة، أما سطح البحيرة فقد كان يعكس خضرة الجبل ويتموج قليلا، والمسافرون قد هدهم الضباب وضايقهم عمال الجمرك يسود عليهم سكون حزين.

نامعلوم صفحہ