في هذه الأوقات كان بيت الأمة محط الرحال، وشارع الرئيس المحبوب موقف مختلط من عربات أجرة وأتوموبيلات خصوصية وعربات ملاكي، وقد اختلط صوت النفير بصوت الزمامير، وبين هذا المجموع الهائل الذي كان يغدو ويروح كانت عربة الدكتور محجوب بحصانها «القروشي» كالزنبلك، لا تهدأ دقيقة واحدة في خدمة الوفد وزوار بيت الأمة وطلبة المدارس، وأخيرا كانت سببا في «عكننة مزاج أغلب إخواني» وكثيرا ما كنا «ولا مؤاخذة يا دكتور» ندعو على حصانك بمأمورية في السلطة فنأمن بعد ذلك مضايقاته.
ولا نظن يا سيدي القارئ أنني كعربجي لا أعرف للحنو معنى لأني أحمل أداة التعذيب في يمناي، فلي قلب وإحساس «زي أحسن زبون يعجبك» فقد تألمت لسائق عربة الدكتور، فقد رأيته يأكل على كرسيه وينام أثناء تأدية وظيفته، ويتداخل كالزوبعة في أي مناقشة يسمع فيها لفظة «السودان» وقد كان يقول في أثناء أحاديثه مفتخرا: «أنا سوداني، وفرسي هذا سوداني، وسيدي مدين للسودان بمولده، ومصر حياتها في السودان، ولا حياة لنا إلا من السودان، فليحي السودان ومصر معا.»
في هذه الأيام أيضا جمعتني الصدف بالأستاذ «المقلفط» تشريفاتي استقبالات معالي الرئيس
1
وسكرتير لجنة استقبال دولة الرئيس،
2
وخطيب وفود دولة الرئيس،
3
هل عرفته أيها القارئ؟ إنه «مثال القوة الناطقة من غير إرادة سابقة» ألم تعرفه بعد؟ هيه، إنه أحمد بك الشيخ، بطل مجلس المديرية في إقليم الغربية.
ظهر صاحبنا على ما أظن في الأيام الأخيرة، ولدته الأيام:
نامعلوم صفحہ