فقلت: «أنسيته خارج البيت؟»
فقال: «كلا بل أدخلته». - وكيف فقد إذا؟ أسرقته الشياطين؟ إنك نسيته خارجا يا مجنون. - كلا بل أدخلته. - لا تقل أدخلته يا كلب. وهل سرقته الجنة لو كنت صادقا؟ اذهب وابحث عنه خارجا علك تلفيه.
فخرج الصبي، وقد أعمى النوم والخوف بصره، فلم يجده وعاد، والخيبة تغشى وجهه، فسألته: هل وجدته؟
فقال بانكسار: «كلا. ولكنني أدخلته والله». - اسكت يا كذاب!
وظل صامتا وظللت أفكر. ثم اندفعت عليه ضربا وشتما في ثورة الغضب العنيف. ثم أفاق أخو الخطيبة، فأعطيته حقه من الشتم والتقريع، ثم سكت سكوت الغاب إثر العاصفة وظللت كذلك حينا. ثم التفت إلى أخي الخطيبة، وأمرته أن يذهب إلى فلان ليأتي ببابوره. فما خرج حتى ولى قائلا: ولماذا أستعير من الناس وهذا بابورنا. فقلت: هل وجدته؟
قال: نعم.
فالتفت إلى الآخر قائلا: أيها الأعمى! أرأيت كيف أنك أدخلت البابور وأخرجته الشياطين إلى الخارج؟
فلم يجب بحرف.
وهكذا شاء الشيطان أن يهزأ بنا قليلا، فهزأ ما شاء له الهزء: «أنسى الصبي إدخال البابور، ثم أعماه أن يراه لما ذهب للتفتيش عنه، ثم أبداه لما يئسنا، واعتمدنا على سواه».
والآن وقد فرغت من هذا الحادث العارض الذي أوقفني عن متابعة الكتابة في مذكرة اليوم ورسم ما فيه من رسوم، فلآخذ فيما جلست لكتبه:
نامعلوم صفحہ