جغرافیائی یادداشتیں
المذكرات الجغرافية في الأقطار السورية
اصناف
قد تبعنا المقدسي في تعريفه لأعظم مدن الشام الباقية في زمنه طبقا لأوصافها الطبيعية وتقاسيمها النظامية، ولا نشك أن القارئ قدر الكاتب قدره بما نقلنا من نصوصه المتعددة، وهي كما ترى كافية لتجعل له مقاما ممتازا بين أرباب رسوم البلدان، إلا أن للمقدسي فضلا آخر بما ألحقه بهذا القسم، وهو فصل علمي دعاه «بجمل شئون هذا الإقليم»، وأودعه عدة ملحوظات لتعريف جغرافية الشام الطبيعية والاقتصادية والنسبية، وفي هذا الفصل أيضا معلومات أخرى في العادات والنقود والأوزان والمكاييل ومال الخراج على مقتضى عادة كل كورة، وعندنا أن المؤلف يظهر في هذا الفصل من المزايا الفنية وحسن النظر الجغرافي الذي يرقي مقامه بين الكتبة، وله من الملحوظات ما لو كتب في زماننا لنال بسببه الكاتب ثناء، وهو القسم الذي لأجله يطري المستشرقون عمل المقدسي ويعظمونه
10
فمن ذلك ما روينا عنه في تقاسيم بلاد الشام ما يشهد له بثقوب العقل ودقة النظر.
11
والكاتب يفتتح كلامه بوصف أحوال الجو في بلاد الشام كما كان حقيقا به، قال (ص179): «هو إقليم متوسط الهواء إلا أوسطه من الشراة إلى الحولة، فإنه بلد الحر والنيل، والموز والنخيل، وقال لي يوما غسان الحكيم ونحن بأريحا: ترى هذا الوادي؟ قلت: بلى. قال: هو يمتد إلى الحجاز، ثم يخرج إلى اليمامة ثم إلى عمان وهجر، ثم إلى البصرة، ثم إلى بغداد، ثم يصعد إلى ميسرة الموصل إلى الرقة، وهو وادي الحر والنخيل، وأشد هذا الإقليم بردا بعلبك وما حولها، ومن أمثالهم: قيل للبرد: أين نطلبك؟ قال: بالبلقاء، قال: فإن لم نجدك؟ قال: بعلبك بيتي. وهو إقليم مبارك، بلد الرخص والفواكه والصالحين، وكل ما علا منه نحو الروم كان أكثر أنهارا وثمارا وأبرد هواء، وما سفل منه فإنه أفضل وأطيب وألذ ثمارا وأكثر نخيلا ليس فيه
12
نهر يسافر فيه.»
وهذا القول الأخير غاية في الصواب؛ فإن المقدسي لم يكن ليصادق على مذهب أسطرابون ومن حذا حذوه، بأن العاصي يمكن ركوبه على الأقل من أنطاكية. وهو زعم لا صحة له حتى مع حصر الكلام وتخصيصه بهذا القسم الصغير، فإننا قد تحققنا بنفسنا الأمر؛ إذ سرنا في وادي العاصي من أنطاكية فوجدناه لا يصلح لمرور القوارب.
ومن الظواهر الجوية التي ذكرها المقدسي الندى في أنحاء الشام، وخصوصا في بعض جهات فلسطين، فقال (ص186): «ينزل على فلسطين في كل ليلة الندى في الصيف إذا هبت الجنوب حتى يجري منه مزاريب المسجد الأقصى.» ومما رأيناه بالعيان أننا بتنا في دئبان بين الكرك ومادبا في شهر آب سنة 1905 تحت ظل السماء، فلما قمنا صباحا شعرنا بالندى قد بلل أغطيتنا، حتى أمكننا عصرها لو شئنا، ومثل هذا الندى يسقط في الناصرة من عمل الجليل، وفي بزيزا في ناحية الكورة (لبنان). ووفرة الندى كما هو معلوم من البركات التي يستدرها الناس من السماء ، ويعد بها الكتاب الكريم كالغيث والمطر.
وقد أعقب المقدسي ذكر الظواهر الجوية بوصف التجارات أي الغلات الصادرة من الشام، وفي تعداده دليل واضح على تقدم التجارة والصناعة في ذلك العهد كما يشهد على كثرة تلك الصادرات وثمنها
نامعلوم صفحہ