341

مختلفة ، ووقايع متشتتة ، وما كان كذلك : لا يتأتى ربط بعضه ببعض.

قلنا : هذا وهم ، لأنا نسلم : انه نزلت على حسب الأحكام والوقايع على حسب الحكمة ، لكنه على وفق ما في اللوح المحفوظ ، مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف ، كما انزل جملة الى بيت الوحي ، لا سيما على القول : بأنه لم يبلغ اليه يد التحريف وتغيير الآيات مكانا ، فتأمل.

وقد قلنا مرارا : انه معجز بين اسلوبه ونظمه الباهر ، فكما ان القرآن معجز بحسب فصاحة ألفاظه ، فهو ايضا كذلك بحسب ترتيبه ونظمه. وشرف معانيه.

فاذا رأيت المفسرين وغيرهم ، معرضين عن بيان المناسبات بين الفواتح والخواتم ، او بين الآيات ، فليس الأمر في هذا الباب الا كما قيل :

والنجم تستصغر الأبصار صورته

والذنب للطرف لا للنجم في الصغر

والحاصل : ان المناسبة والمقاربة ، بين الجمل اولها وآخرها : أمر مهم ، مطلوب عند الفصحاء ، ومرغوب عند البلغاء.

ومرجعها في الآيات ونحوها الى معنى رابط بينها ، عام وخاص ، عقلي أو حسي أو خيالي كما يجيء تفصيل ذلك في باب الفصل والوصل انشاء الله تعالى ان ساعدنا التوفيق.

او غير ذلك ، من انواع المناسبات ، كالسببية والمسببية ، والعلية والمعلولية ، والتضاد ، وشبهها.

وفائدتها : جعل أجزاء الكلام ، بعضها آخذا بأعناق بعض. فيقوى بذلك الارتباط ، ويصير التأليف حاله : حال البناء المحكم ، المتلائم الاجزاء.

ولذلك ، حصر بعضهم البلاغة على معرفة الفصل والوصل ، كما سيصرح بذلك عن قريب.

صفحہ 343