334

مع رعاية الملائمة بينهما ، اي : بين ما ابتدأ به الكلام ، وبين المقصود.

وانما كان التخلص من المواضع الثلاثة ، التي ينبغي للمتكلم ان يتأنق فيها ، لأن السامع ، يكون مترقبا للانتقال من الافتتاح الى المقصود كيف يكون؟

فاذا كان حسنا ، متلائم الطرفين ، حرك من نشاط السامع ، واعان على اصغاء ما بعده ، والا ، فبالعكس.

ثم «التخلص» قليل في كلام المتقدمين ، واكثر انتقالاتهم : من قبيل «الاقتضاب» ويأتى معناه عن قريب.

واما المتأخرون : فقد لهجوا به ، لما فيه من الحسن ، والدلالة على براعة المتكلم ، وتفوقه على اقرانه.

وقد ينتقل الى مالا يلائمه ، ويسمى الانتقال حينئذ : «الاقتضاب» اي : الاقتطاع ، والارتجال ، وهو : اي : الاقتضاب ، مذهب العرب الجاهلية ، والمخضرمين ، وهم الذين ادركوا الجاهلية والاسلام.

وقد يتبعهم المتأخرون ، ويجرون على مذهبهم ، وان كان الأكثر فيهم «التخلص» لما تقدم.

ومنه ، اي : من «الاقتضاب» ما يقرب من «التخلص» : في ان يشوبه شيء من الملائمة ، كقولهم بعد حمد الله ، ونعت الرسول (ص) وآله اما بعد ، فاعلم : انه كذا وكذا.

فهو اقتضاب ، من جهة : انه قد انتقل من حمد الله ، والثناء على الرسول وآله (ع)، الى كلام آخر ، من غير رعاية ملائمة بينهما.

لكنه يشبه «التخلص» من جهة : انه لم يؤت بالكلام الآخر فجأة ، من غير قصد الى ارتباط وتعلق بما قبله ، بل اتى بلفظ «اما

صفحہ 336