لا يقال : انه يلزم في بعض هذه التقادير : الابتداء بالنكرة من دون مسوغ ، لأنا نقول : المسوغ فيها موجود ، وهو تنوين التنكير الدال على التعظيم مرة ، والتحقير مرة اخرى ، كما يأتي ذلك في بحث تنكير المسند اليه والمسند.
ففي المقام : يمكن ان يكون للتعظيم ، نظرا الى كثرة فوائد المقدمة ، ووفور عوائدها المهمة ، ويمكن ان يكون للتحقير ، نظرا الى قلة ألفاظها ، ووجازة كلماتها.
او نقول : ان المسوغ غير محتاج اليه ، بناء على ما يأتي اواخر باب المسند اليه نقلا عن ابن الدهان : من ان جواز تنكير المبتدأ مبني على حصول الفائدة ، فاذا حصلت الفائد ، فاخبر عن اي نكرة شئت.
قيل : لا ضرورة الى شيء من هذه التقديرات ، لأن الغرض من ذكر المقدمة : مجرد اخطار بالبال عند الشروع ، فلا محل لها من الاعراب لانها ليست جزء كلام ، فلا تقدير اصلا.
ثم ان المقدمة بكسر الدال على المشهور ، اسم فاعل من باب التفعيل على ما نقل عن الفائق ، من ان كسرها خلف ، لكن المراد منه : معنى باب التفعل فمعناها : انها متقدمة على غيرها : من مقاصد الكتاب ، فلا يرد ما قيل : من ان المشهور بين علماء التصريف : ان باب التفعيل يجعل اللازم متعديا ، فكيف صارت المقدمة لازما ، مع انها من هذا الباب؟
وذلك لأن كلام علماء التصريف ، مبنى على الغالب ، والمقدمة من قسم غير الغالب.
صفحہ 299