وهؤلاء كلهم يستشهد بكلامهم.
والمحدثون من اهل الاسلام : الذين نشأوا بعد الصدر الأول من المسلمين ، كالبحتري ، وابي الطيب ، لا استشهاد بكلامهم ، الا ان يجعل ما يقول بمنزلة ما يرويه.
ولا وجه لهذا الجعل ، وان صدر عن صاحب الكشاف في اثناء تفسير قوله تعالى : ( كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم ) لأن مبنى الرواية على الوثوق والضبط ، ومبنى القول على الدراية والاحاطة والاتقان في الأول ، لا يستلزم الاتقان في الثانى ، والقول بان ما يقوله بمنزلة نقل الحديث بالمعنى : ليس بسديد ، بل هو بعمل الراوي اشبه ، وهو لا يوجب السماع. انتهى.
ويظهر وجه عدم صحة الاستشهاد بكلام المحدثين ، اي : المولدين مما نقلناه سابقا ، في سبب تدوين النحو ، فلا نعيده.
(فهي)، اي : الشواهد ، (اخص من الأمثلة)، باعتبار الصلاحية لأن كل ما يصلح ان يستشهد بها لاثبات القواعد ، يصلح ان يذكر لا يضاحها من غير عكس ، والسر في ذلك : ما صرح به : من ان الشاهد لا بد فيه من ان يكون من كلام العرب ، الموثوق بعربيتهم ، بخلاف المثال.
ثم لا يذهب عليك : ان المراد بالقواعد في المقام ، القواعد التي تختص بلغة العرب والفاظهم ، واما القواعد التي لا اختصاص لها بلغتهم والفاظهم ، كاكثر مباحث علم البلاغة ، فلا يشترط في صحة الاستشهاد لاثبات تلك المباحث ، كون ما يستشهد به من كلام العرب الموثوق بعربيتهم.
بل يجوز الاستشهاد لها بكلام غيرهم ، كما ترى في اكثر مباحث
صفحہ 275