186

والصواب ما قاله الجمهور : انه وقع بالدال على القديم ، وهو الألفاظ.

ثم زعم النظام : ان اعجازه بالصرفة ، اي : ان الله صرف العرب عن معارضته ، وسلب عقولهم ، وكان مقدورا لهم ، لكن عاقهم أمر خارجي ، فصار كسائر المعجزات.

وهذا قول فاسد ، بدليل : ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن .. ) الآية ، فانه يدل على عجزهم مع بقاء قدرتهم ، ولو سلبوا القدرة ، لم تبق فائدة لاجتماعهم ، لمنزلته منزلة اجتماع الموتى ، وليس عجز الموتى مما يحنفل بذكره.

هذا مع ان الاجماع منعقد على اضافة الاعجاز الى القرآن ، فكيف يكون معجزا ، وليس فيه صفة اعجاز؟ بل المعجز هو الله تعالى ، حيث سلبهم القدرة على الاتيان بمثله.

وايضا : فيلزم من القول بالصرفة ، زوال الاعجاز بزوال زمان التحدي ، وخلو القرآن من الاعجاز.

وفي ذلك : خرق لاجماع الامة : ان معجزة الرسول العظمى باقية ، ولا معجزة له باقية سوى القرآن.

قال القاضي ابو بكر : ومما يبطل القول بالصرفه : انه لو كانت المعارضة ممكنة ، وانما منع منها الصرفة ، لم يكن الكلام معجزا ، وانما يكون بالمنع معجزا ، فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره في نفسه.

قال : وليس هذا بأعجب من قول فريق منهم : ان الكل قادرون على الاتيان بمثله ، وانما تأخروا عنه ، لعدم العلم بوجه ترتيبه لو تعلموه لوصلوا اليه به.

صفحہ 188