كما هو الظاهر من قوله : (لأن الفصل التمييز ، ويقال للكلام البين : فصل بمعنى مفصول ، ففصل الخطاب : البين من الكلام الملخص ، الذي يتبينه من يخاطب به ، ولا يلتبس عليه).
لا ان يتبينه ويفهمه كل احد ، ولو لم يكن ممن يخاطب به ، وذلك لما بين في الاصول : من ان ما وضع لخطاب المشافهة ، لا يعم بصيغته الغائبين عن مجلس الخطاب ، ولا من تأخر عن زمن الخطاب ، او كان حاضرا ، ولكن لم يتوجه اليه الخطاب ، فان مقصود المتكلم الافادة ، وتفهيم المخاطب وافهامه ، فلا يجب عليه الا القاء الكلام على وجه لا يقع المخاطب معه في خلاف المراد ، بحيث لو فرض وقوعه فيه كان اما لغفلة من المخاطب في الالتفات الى ما اكتنف به الكلام من القرائن ، واما لغفلة من المتكلم في القاء الكلام على وجه يفى بالمراد.
وكلا هذين الاحتمالين مدفوع : بانعقاد الاجماع من العلماء ، بل العقلاء كافة. على عدم الاعتناء باحتمال الغفلة ، في جميع امور العقلاء فى اقوالهم وافعالهم.
واما اذا لم يكن الشخص مقصودا بالتفهيم والافهام ، فوقوعه في خلاف المقصود ، لا ينحصر سببه في الغفلة ، بل يمكن ان يكون السبب في ذلك خفاء القرائن الموجودة للمخاطب ، او عدم فهمه اياها ، لعدم مساعدة فهمه لذلك لنقص فيه ، دون المخاطب.
كما اشير الى ذلك في بعض الروايات ، حيث قال الامام (ع) لأحد علماء زمانه ، وسأله فقال (ع): انت فقيه اهل العراق؟
صفحہ 154