في كتب التفسير ، لا نطيل بذكره.
واما الآية الثانية من الآيتين اللتين ذكرهما ولم يفهم معناهما : فمعناها اللطيف اظهر من ان يحتاج الى البيان ، فان الباري تعالى اراد ان يبين مقدار سير (ذي القرنين) وقطعه معمورة الأرض التي كانت معمورة في زمانه بتمامها من البراري ووصوله الى البحر المحيط (بتلك المعمورة) فبينها بهذه العبارة اللطيفة ، وهذه العبارة مطابقة للمحاورات العرفية ، ألا ترى انه يقال في العرف : انا وصلنا في البحر الى موضع لم نر في ايام متعددة قطعة من الأرض ، والشمس تطلع من الماء وتغرب فيه ، واظن قويا : ان المستشكل اغتر بكلام بعض القصاصين والغفلة من المفسرين ، الذين يفسرون القرآن بآرائهم الفاسدة ، من غير مراجعة الى من لا بد في فهم القرآن من مراجعته ، ومن غير مراجعة الى حكم العقل والمتفاهمات العرفية من ظواهر الالفاظ في المحاورات العادية ، غافلين عن القرائن ، غير مبالين فيما يقولون ، كأنهم لم يسمعوا قوله صلى الله عليه وآله : «من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» فالمراد : ان (اسكندر) وصل الى موضع من البحر ، وجد الشمس فيه تغرب في الماء ، والمراد من (الحمئة ) السوداء الظلمانية ،
قال في المصباح : الحمئة : طين اسود. وحمئت البئر حمأ من باب تعب : صار فيها الحمئة وفيه اشارة الى عظمة البحر ، وانه البحر المحيط ، فان الماء كلما كان اكثر كان في السواد والظلمة اشد ، وعلى قراءة ال ( حامية ) كما هي قراءة ابن مسعود يكون المراد الاشارة الى ملوحته وسخونته.
وبالجملة : أليس المراد غروب الشمس في العين حقيقة ، حتى يقال :
صفحہ 123