فانه تعالى كثيرا ما قص القصة الواحدة فيه بعبارات يكون مفاد بعضها غير مفاد البعض الآخر ، كقوله تعالى في آدم (ع) مرة من ( تراب ) واخرى من ( حمإ مسنون ) وثالثة من ( صلصال كالفخار ) وفي كيفية سجود الملائكة لآدم (ع) ومخالفة ابليس ، : « فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه » ، « إلا إبليس أبى واستكبر » ، « إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين » الى غير ذلك من العبارات ، وكذا في حكاية موسى (ع) مع فرعون. الى غير ذلك من وجوه الطعن التي نكتفي عنها بذكر ما نقلناه ، حيث انه عمدتها واقواها.
اقول : ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم : لنا عن هذه الوجوه جواب اجمالي ، وجواب تفصيلي :
اما الاول : فهو ان القرآن المجيد ، والفرقان الحميد ، كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ، لا تنقضي عجائبه ، ولا تنفد غرائبه ولا تخلقه كثرة الرد ، وولوج السمع ، ولا يذله الطعن والقدح ، ولا يعزه النعت والمدح ، لا تدرك حقائقه ، ولا تفهم دقائقه ، بحر متلاطم تياره متراكم زخاره ، لا يعرف قدره الا من يفهم أسراره ، ولا يقدر على وصفه الا من اشرق في قلبه لمعة من انواره ، فبعد تحقق ذلك عند العالم الخبير ، والناقد البصير ، فكل من طعن فيه يكشف عن عدم استقامة ذوقه وفهمه ، وقلة كماله وعلمه ، او عن شيء آخر هو اعلم به ، وذلك لأن اسباب عدم الوصول الى الحق كما قال بعض اهل التحقيق أحد امور اربعة : الاول : نقصان الاستعداد ، الثاني حيلولة اعتقاد وراثي بينه وبينه ، الثالث : عدم معرفة الدليل المناسب
صفحہ 106