وله أن يختار أن يكون بيعه له بعدل السعر، أو كرائه بأجرة من نفس أو مركوب أو عبيد، أو ما يقدر عليه من بذل المجهود في إحياء النفس،المخوف عليها الهلاك المحرم قتلها من جميع البشر، من أهل الولاية أو من أهل الإقرار، أو من أهل العهد والذمة من أهل الشرك، أو جميع من ثبت له أمارت من أهل الشرك، فكل هؤلاء سواء، ولا يجوز قتل شيء من هذه النفوس المحرمة عند هذه الحال اللازمة، فإن لم يفعل ذلك بغير عذر يكون له في الإسلام في جميع هذه النفوس من البشر ممن آمن منهم أو كفر، ما لم يكن في حال الحرب من أهل البغي من أهل القبلة، أو من أهل الحرب من المشركين، الذين يحل قتلهم وتهدر دماؤهم حيث ما قدر عليهم، وكذلك الممتنعين عن الحق بالباطل،الذين يجوز قتلهم بالسيف فما فوقه، وما دون السيف من جوع أو عطش، أو بما قدر عليهم به، فإذا كان على غير هذه الصفة، واضطر إلى ما يحيي به نفسه من شيء من المهالك اللازمة التي بها الهلاك، وقدر قادر على أن يجيئه من ذلك الهلاك من غرق أو رجوع أو حرق أو ظمأ أو انقطاع في مفازة في الانقطاع فيها الهلاك، ولزم ذلك لازم خصه حكم ذلك، من قليل من الناس أو كثير، يعلم منهم بذلك، وقدر ذلك المخصوص بحكم ذلك عليه على إحياء تلك النفس، فلم يحيها حتى هلكت، لزمه معنى من معاني أحكام الكتاب والسنة والاتفاق حكم قتلها، وأنه هو الذي قتلها ولزمه في معاني حكم الإثم فيما لا أعلم فيه اختلافا، أن عليه إثم من قتلها، ولا يبرئه ذلك عند تبوت الحكم عليه أن يلزمه دينهما، والكفارة عن قتلها في جميع ما يلزم في الحكم من أسباب قتلها، وإن قصد إلى تركها حتى تموت، قاصدا إلى ذلك، يريد لها ذلك، لم يبعد عندي من ثبوت القود فيها إن كان مما يجب، فيلزمه القود بها، ولزمه في ذلك معاني حكم ما قال الله -تبارك وتعالى - في كتابه الكريم: ( من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه،من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون) .
بمعنى أن من أحيى النفس عن هذا الملاك، كان محييا لها في الحكم، في معنى ثبوت الأحكام، وكان بذلك كأنما أحيى الناس جميعا، وعلى حسب هذا ونحوه، ثبت الحكم على بني إسرائيل من الله، وهو ثابت في معاني حكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومعاني الاتفاق من قول المسلمين، وتأويل قول الله - تبارك وتعالى -، فكأنما قتل الناس جميعا، فمن لقي الله بقتل نفس غير تائب منها، فهو في عداوة الله وسخط الله عليه وعقوبة الله له، فهو مستحق من ذلك كمثل ما لو أنه قتل الناس جميعا، وإن كان لكل ضعف فإنهم سواء بهذه المعاني.
كذلك من لقي الله -تبارك وتعالى - بهذه الحسنة التي قد أحسنها من إحياء هذه النفس على هذا المعنى، وهو مؤمن لم يلبس إيمانه بشيء من الظلم، من تضييع لازم أو ركوب شيء محرم أصر على ذلك، فكأنما أحيى الناس جميعا، بما يستوجب من رضوان الله عليه وولايته وثوابه، وإن كان لكل ضعف ودرجات مما يعملون.
ومعي أنه كل ما كان أصله من الطواهر، فعارضته النجاسات، فثبت نجسا من ماء أو غيره من المأكولات والمشروبات، من الأمتعة والأطعمة، فكله يجري فيه معاني الاختلاف من جميع ما تدركه طهارته بحيلة، أو لا تدرك طهارته، ما لم يثبت نقلها عن الاسم والحكم عن معنى الطهارة، إلى أن تستولي عليه أحكام النجاسة، فينتقل اسمه وحكمه، وأنه يجوز في ذلك ما لم يضر بهذه الحال، وما قد قيل في الاختلاف والتوسع، من سقيه وإطعامه لمن لا يلحقه إثم، من الدواب والأطفال، وأن يتوسع به البالغون عند الضرورة الملجئة إليه دون المحرمات في الأصل.
صفحہ 76