ومعي أنه يخرج في معاني القول، أنه يجوز أن يطعم ذلك الدواب والأطفال من الناس، وكل لعن لا إثم عليه، لأن ذلك يقع لهم موقع النفع، وليس معي عليهم فيه مضرة، ولا إثم عليه، ولا يبيعه البالغ ولا ينتفع بثمنه ولو أخبر بذلك وبنجاسته، وإذا ثبت أنه لا يبيعه، فلا يبيعه لأهل الذمة ولا لأهل الإسلام، لأن ذلك مخالط للحرام، ولا يجوز بيع الحرام والحلال بصفقة واحدة ولأن بيع الحلال والحرام في صفقة واحل كله حرام.
ومعي أنه قيل: يجوز أن يباع إذا علم بذلك المشتري، وإنما ذلك
عيب معارض الحلال، وليس هو في الأصل من المحرمات، وإنما النجاسة له معارضة، ويجوز الانتفاع به إذا ثبت طعمه للدواب والأطفال، وجاز ذلك، ولو كان لا يجوز الانتفاع به بوجه من وجوه الحلال، ولا يجوز في الأصل في اعتبار معانيه، لم يجز بيعه بحال، ولو تراضيا على ذلك - البائع والمشتري - وعلما به، لأن في ذلك إدخال الضرر من المشتري على نفسه، وكل شيء من الضرر فهو غرر، وكل غرر فهو باطل، ولا يجوز بيعه، وهو من السحت، وأما إذا كان يخرج في معانيه أنه يلحق منه الانتفاع بما يجوز في الأصل ويدرك في بعض القول تطهيره، أو ينتفع به لإطعام دواب أو أطفال، ويلحق الانتفاع به في أكل أو شرب في بعض ما يجوز من قول أهل العلم، فالبيع له جائز والشراء له جائز، والبائع والمشتري فيه سواء، وهذا يخرج عندي إذا ثبت معاني الانتفاع به في أكل أو شرب، لشيء من الدواب أو لشيء من الأطفال، أو لمعنى من المعاني بحال من الحال، كما قد قيل في العذرة أنها من الحرام من ذوات النجاسة، ولا يخرج في معاني ذلك اختلاف، وأنها إذا اختلطت بالتراب أو غيره من الطواهر من رماد أو روث أو بعر أو شيء من الطواهر، أن يبيعها في جملة ذلك حلال جائز، لأن معنى الانتفاع بها ثابت في معاني الاعتبار، ولأن الشراء لها لا يقع موقع الضياع ولا إضاعة المال، و انما يشتري الانتفاع بها بمعاني الجائز والحلال.
صفحہ 69