134

معجز أحمد

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

اصناف

بلاغت
وروى: من شغف بها. والجن، فاعل سلكت. يقول: تداخلت الجن في التماثيل التي على القباب المضروبة لتنظر إليك؛ شوقًا لرؤيتك، فأدرن فيك أعينها. طربت مراكبنا فخلنا أنها ... لولا حياءٌ عاقها رقصت بنا يقول: مراكبنا التي ركبناها إلى الممدوح استخفها السرور بقدومك، والمسير إليك، فلولا أن الحياء منعها من الرقص، لكادت ترقص بنا رقصا. أقبلت تبسم والجياد عوابسٌ ... يخببن بالحلق المضاعف والقنا روى: يخببن من الخبب: وهو السير السريع، وروى يجنبن من الجنيبة وتبسم: في موضع نصب على الحال، وكذلك الجياد عوابس ويخببن: حال من الجياد، ويجوز أن يكون خبرًا ثانيًا فيكون في موضع رفع. يقول: أقبلت إلينا ضاحكًا مبتسمًا وخيلك عابسة؛ لما لحقها من التعب فيسر عن المسير بالدروع المضاعف نسجها وبالرماح. عقدت سنابكها عليها عثيرًا ... لو تبتغي عنقًا عليه أمكنا العثير: الغبار. والعنق: ضرب من السير؛ ترفع فيه الدابة عنقها. يقول: إن الغبار الساطع من حافرها قد يعقد، لكثافته حتى كأنه أرض صلبه، فلو أرادت الجياد أن تسير على هذا الغبار لأمكنها السير. والأمر أمرك والقلوب خوافقٌ ... في موقفٍ بين المنية والمنى قيل: الأمر هنا بمعنى الحال، أي أقبلت وحالك في طلاقة وجهك، مثل حالك إذا كنت في الحرب، حين تخفق القلوب من الرعب، فتكون القلوب واقفة بين الموت والبقاء. يعني: أنه في الحرب ضاحك السن، مثل حاله القديمة. وقيل: أراد به أن أمرك نافذ في الأولياء والأعداء. وقلوب أعدائك خائفة واقفة بين الخوف من الموت وبين الرجاء. فعجبت حتى ما عجبت من الظبى ... ورأيت حتى ما رأيت، من السنى الظبى: جمع الظبية، وهي حد السيف. والسنى مقصور: هو الضوء. تقديره: فعجبت من الظبى حتى ما عجبت، ورأيت من السنى حتى ما رأيت. يقول: رأيت السيوف حولك متجردة فعجبت من كثرتها، وزاد الأمر حتى زال تعجبي مما رأيت من لمعان السيوف وبريقها، فبقيت متحيرًا كمن لا حس له، وغلب لمعانها على بصري حتى ما رأيت؛ لأن لمعانها غشى عيني. وقيل: أراد فعجبت من انهزامهم، حتى زال تعجبي، من أجل السيوف التي لمعت بأيديهم، فقلت حق لهذه السيوف أن تعمل هذا، فأزال تعجبي؛ لأني لم أستكره أن يكون ذلك الانهزام فعل ما رأيت. وقيل: أراد أني عجبت من السيوف لكثرتها ولمعانها حتى التهيت بالعجب! فزال تعجبي كما قال أبو تمام: على أنها الأيام قد صرن كلها ... عجائب حتى ليس فيها عجائب وكذلك بريق السيوف؛ لشدة بريقه ولمعانه كف ضوءها بصري. إني أراك من المكارم عسكرًا ... في عسكر، ومن المعالي معدنا قيل: معناه إنك في نفسك عسكر، وحولك من مكارمك عسكر؛ فلهذا أراك عسكرًا في عسكر من المكارم. وقيل: معناه إني أراك عسكرًا من المكارم، في عسكر من الخيل والرجال، وأنك معدن: أي أصل لكل خير وشرف. ومثل المصراع الأول لأبي تمام: لو لم يقد جحفلًا يوم الوغى لغدا ... من نفسه وحدها في جحفل لجب فطن الفؤاد لما أتيت على النوى ... ولما تركت مخافةً أن تفطنا يقول: أنت عالم بما فعلت بعدك من شكرك والثناء عليك وغير ذلك، وعالم بما لم أفعله مخافة أن تفطنه. يعني: إني لو لم أتركه إلا مخافة أن تقف عليه تركته. وقيل: أراد أنك تدرك غرضي فيما فعلته، لما بعدت عنك. وهو الاستزادة، ثم تركت البعد خوفًا من أن تقف على قصدي ومرادي. وقيل: أراد فعلت ذلك لأتجدد بالنوى عندك. أضحى فراقك لي عليه عقوبةً ... ليس الذي قاسيت منه هينا الهاء في عليه: راجعة إلى ما في قوله: لما أتيت أي صار فراقك عقوبة لي على ما أتيته من التأخر عنك وقد قاسيت منه وحشة عظيمة وأسفًا شديدًا. فاغفر، فدىً لك، واحبني من بعدها ... لتخصني بعطيةٍ منها أنا يقول: اغفر ذنبي بعفوك عن التخلف عنك، وعلى التقصير الذي كان مني في حال البعد عنك، ثم صلني بعد المغفرة بصلة، لأكون مخصوصًا بها، واحبني في جملة من تحبه. وانه المشير عليك في بضلةٍ ... فالحر ممتحنٌ بأولاد الزنا

1 / 134