فجرى بينه وبينهم حملات حربية، ووقعات شامية ومصرية، وكم من نوبة قدرموه عن قوس واحدة، فينجيه الله. فإنه دائم الابتهال، كثير الاستغاثة، والاستعانة به قوى التوكل، ثابت الجأس، له أوراد وأذكار يدمنها بكيفية وجمعية. وله من الطرف الآخر محبون من العلماء والصلحاء، ومن الجند والأمراء ومن التجار والكبراء، وسائر العامة تحبه؛ لأنه منتصب لنفعهم ليلًا ونهارًا، بلسانه وقلمه.
وأما شجاعته: فبها تضرب الأمثال، وببعضها يتشبه أكابر الأبطال. ولقد أقامه لله تعالى في نوبة قازان. والتقى أعباء الأمر بنفسه. وقام وقعد وطلع، ودخل وخرج، واجتمع بالملك - يعنى قازان - مرتين، وبقطلوا شاه، وبولاى. وكان قيجق يتعجب من إقدامه وجرائته على المغول.
وله حده قوية تعتريه في البحث، حتى كأن ليث حرب. وهو أكبر من أن ينبه مثلي على نعوته. وفيه قلة مدارة، وعدم تؤدة غالبا، والله يغفر له. وله إقدام وشهامة، وقوة نفس توقعه في أمور صعبة، فيدفع الله عنه.
وله نظم قليل وسط، ولم يتزوج، ولا تسرى، ولا له من المعلوم إلا شيء قليل. وأخوه يقوم بمصالحه، ولا يطلب منهم غذاء ولا عشاء في غالب الوقت.
وما رأيت في العالم أكرم منه، ولا أفرغ منه عن الدينار والدرهم، لا يذكره، ولا أظنه يدور في ذهنه. وفيه مروءة، وقيام مع أصحابه، وسعى في
1 / 24