169

معين الحكام

معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام

ناشر

دار الفكر

ایڈیشن نمبر

بدون طبعة وبدون تاريخ

اصناف

فقہ حنفی
بِجَرِيرَةِ غَيْرِهِ. فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ «أَنَّ ثَقِيفًا كَانَتْ حُلَفَاءَ لِبَنِي غِفَارٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَصَابَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ وَمَعَهُ نَاقَةٌ لَهُ، فَأَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ بِمَ أَخَذْتَنِي وَأَخَذْتَ سَابِقَةَ الْحُجَّاجِ، فَقَالَ: أَخَذْتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفٍ كَانُوا أَسَرُوا رَجُلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَمُرُّ بِهِ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ إنِّي مُسْلِمٌ، قَالَ: لَوْ كُنْتَ قُلْتَ ذَلِكَ وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَك أَفْلَحْتَ، فَفَدَاهُ النَّبِيُّ ﷺ بِرَجُلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْسَكَ النَّاقَةَ لِنَفْسِهِ» . ذَكَرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي قَوْله تَعَالَى -: ﴿فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٩٢] وَمِنْ ذَلِكَ «أَنَّهُ ﷺ لَمَّا أَجْلَى يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا حَمَلَتْ الْإِبِلُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ غَيْرَ الْحَلَقَةِ وَالسِّلَاحِ كَانَ لِأَبِي الْحَقِيقِ مَالٌ عَظِيمٌ بَلَغَ مَسْكَ ثَوْرٍ: أَيْ مِلْءَ جِلْدِ ثَوْرٍ مِنْ ذَهَبٍ وَحُلِيٍّ وَآنِيَةٍ مَصُوغَةٍ، فَلَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَيْبَرَ حَاصَرَ الْحِصْنَ الَّذِي فِيهِ ابْنُ أَبِي الْحَقِيقِ، فَنَزَلَ فَصَالَحَ عَلَى حَقْنِ دِمَاءِ مَنْ فِي الْحِصْنِ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ وَالذُّرِّيَّةِ عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا بِذَرَارِيِّهِمْ وَيُخَلُّوا بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبَيْنَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ مَالٍ وَأَرْضٍ، وَعَلَى تَرْكِ الْبَيْضَاءِ وَالصَّفْرَاءِ وَالْكُرَاعِ إلَّا ثَوْبًا عَلَى ظَهْرِ إنْسَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَبَرِئَتْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ مِنْكُمْ إنْ كَتَمْتُمُونِي شَيْئًا، فَصَالَحُوهُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِكِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ عَمِّ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ: مَا فَعَلَ مَسْكُ حُيَيٍّ الَّذِي فَعَلَ بِهِ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ؟ فَقَالَ: أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الْعَهْدُ قَرِيبٌ وَالْمَالُ أَكْثَرُ، أَرَأَيْتَ إنْ وَجَدْنَاهُ عِنْدَكَ أَقْتُلُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ لَهُ: إنِّي رَأَيْتُ كِنَانَةَ يَطُوفُ بِهَذِهِ الْخَرِبَةِ كُلَّ غَدَاةٍ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْخَرِبَةِ فَحُفِرَتْ فَأَخْرَجَ مِنْهَا بَعْضَ كَنْزِهِمْ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَمَّا بَقِيَ فَأَبَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ، فَأَمَرَ بِهِ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فَقَالَ: عَذِّبْهُ حَتَّى تَسْتَأْصِلَ مَا عِنْدَهُ، فَكَانَ الزُّبَيْرُ يَقْدَحُ بِزَنْدٍ فِي صَدْرِهِ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ دَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ بِأَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ» . وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ بِكِنَانَةَ؛ لِأَنَّ الْكَنْزَ كَانَ عِنْدَهُ وَصَاحِبُ الْكَنْزِ مَعَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَقُتِلَ مَعَهُمْ فِي غَزْوَةِ الْأَحْزَابِ. وَهَذِهِ الْقِصَّةُ ذَكَرَهَا ابْنُ هِشَامٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ السِّيَرِ. وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ «لَمَّا وَقَعَتْ قِصَّةُ الْإِفْكِ وَتَكَلَّمَ النَّاسُ بِهَا اسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ ﵄، فَقَالَ زَيْدٌ. أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، أَوْ لَا نَعْلَمُ مِنْهُمْ إلَّا خَيْرًا، وَهَذَا لَكَذِبٌ وَبَاطِلٌ. وَأَمَّا عَلِيٌّ ﵁ فَإِنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ النِّسَاءَ لَكَثِيرٌ وَإِنَّكَ لَتَقْدِرُ أَنْ تَسْتَخْلِفَ، وَاسْأَلْ الْجَارِيَةَ فَإِنَّهَا تُصَدِّقُكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَرِيرَةَ لِيَسْأَلَهَا، فَقَامَ إلَيْهَا عَلِيٌّ فَضَرَبَهَا شَدِيدًا، وَجَعَلَ يَقُولُ: اُصْدُقِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَتَقُولُ: وَاَللَّهِ مَا أَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وَمَا كُنْتُ أَعِيبُ عَلَى عَائِشَةَ شَيْئًا إلَّا أَنِّي كُنْتُ أَعْجِنُ الْعَجِينَ فَآمُرُهَا أَنْ تَحْفَظَهُ فَتَنَامَ عَنْهُ فَتَأْتِيَ الشَّاةُ فَتَأْكُلَهُ» . فَهَذَا مِنْ السِّيَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ ضَرَبَهَا لِتُقِرَّ بِمَا عِنْدَهَا. وَمِنْ ذَلِكَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَجَدَ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ رَجُلًا فَاتَّهَمَهُ بِأَنَّهُ جَاسُوسٌ لِلْعَدُوِّ، فَعَاقَبُوهُ حَتَّى أَقَرَّ» . وَمِنْ ذَلِكَ «أَنَّهُ ﷺ بَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا مِنْ الْمُنَافِقِينَ يُثَبِّطُونَ النَّاسَ عَنْهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَبَعَثَ إلَيْهِمْ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُحَرِّقُوا عَلَيْهِمْ الْبَيْتَ، فَفَعَلَ طَلْحَةُ ذَلِكَ وَاقْتَحَمَ الضَّحَّاكُ بْنُ خَلِيفَةَ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهُ، وَاقْتَحَمَ أَصْحَابُهُ فَأَفْلَتُوا» . وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ فِي جَامِعِ الْخَلَّالِ أَنَّهُ حَبَسَ فِي تُهْمَةِ دَمٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ حَبَسَ فِي تُهْمَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَأَنَّهُ ﷺ حَبَسَ رَجُلًا اتَّهَمَهُ الْمَسْرُوقُ

1 / 171