معاوية بن أبي سفيان
معاوية بن أبي سفيان
اصناف
ورسخت هذه العقيدة في قلوب خلفائه، فلم تغن فيها وفرة العدة وكثرة الجند، وأسلحة البر والبحر التي كانوا يجمعونها، ولا تكاد تجتمع حتى تتفرق لأول صدمة أو تتفرق قبل اللقاء من أجل منام أو عيافة
7
أوهام، وقد روى جيبون أن حفيد هرقل خنع للتسليم؛ لأنه رأى في المنام أنه في سالونيكا، وهي كلمة تجانسها كلمة باليونانية معناها: «أعط النصر لغيرك!»
وفي تاريخ ميخائيل السوري: «إن المنتقم الجبار أتى بأبناء إسماعيل من الصحراء؛ ليخرجوا الأمم من ربقة الروم.»
وقد روى ابن الأثير من حوادث سنة خمس وعشرين هجرية: «إن معاوية غزا الروم فبلغ عمورية، فوجد الحصون التي بين أنطاكية وطرطوس خالية، فجعل عندها جماعة كثيرة من أهل الشام والجزيرة.»
ولم ييأس العواهل الضعفاء من سورية وما جاورها من آسيا الصغرى، بل يئسوا من القسطنطينية نفسها وهموا مرات بنقل العاصمة منها إلى صقلية، وتركها العاهل قنستانز فعلا (سنة 668م)؛ ليقيم له عاصمة في صقلية، فأوشك أن يقيمها لولا أنه قتل في سرقسطة!
واقترنت بهزيمة الروم في سورية هزائم شتى وشواغل متفرقة أيأستهم من الغلبة على الدولة الإسلامية، ومن هذه الشواغل حرب الشعوب السلافية ومحالفتهم للمسلمين في بعض الوقائع بآسيا الصغرى، ومنها الشقاق بين الكنيستين الشرقية والغربية، ومنها انقسام الأسطول بين قيادتين إحداهما للعاصمة والأخرى للولايات المتفرقة.
وربما كان اسم الدولة الإسلامية في إبان الفتح حماية لها تقوم في ترويع خصومها مقام العدد والحصون، ولا أدل على ذلك من سلامة هذه الدولة في عهد معاوية الثاني الذي اعتزل الحكومة، ولزم داره كما جاء في تاريخ الخلفاء للسيوطي «أربعين يوما، وقيل: شهرين، وقيل: ثلاثة أشهر ...»
قال السيوطي: «ولم يخرج إلى الباب ولا فعل شيئا من الأمور ولا صلى بالناس.» ولما خلع نفسه قال: «أيها الناس ضعفت عن أمركم فاختاروا من أحببتم، ثم احتضر وهو في نحو العشرين فسألوه أن يستخلف أخاه خالدا، فقال: ما أصبت من حلاوتها فلم أتحمل مرارتها؟»
ولم يتفق المسلمون على خليفة بعد معاوية الثاني حتى قام عبد الملك بن مروان بالأمر سنة ثلاث وسبعين ... أي: بعد تسع سنين.
نامعلوم صفحہ