مبدع فی شرح مقنع
المبدع في شرح المقنع
تحقیق کنندہ
محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
1417 ہجری
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
فقہ حنبلی
وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَآلِهِ خَيْرِ آلٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٣٠] وَقَالَ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾ [الأنعام: ١] وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِنَّهُ تَعَالَى أَيْبَسَ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ عَرْشُهُ عَلَيْهِ، فَجَعَلَهُ أَرْضًا، وَثَارَ مِنْهُ دُخَانٌ، فَارْتَفَعَ فَجَعَلَهُ سَمَاءً، فَصَارَ خَلْقُ الْأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ، ثُمَّ قَصَدَ أَمْرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ، ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَانَتْ إِذَا خَلَقَهَا غَيْرَ مَدْحُوَّةٍ. (وَلَا تَحْتَ أَطْبَاقِ الْجِبَالِ): وَاحِدُهَا جَبَلٌ، وَأَعْظَمُهَا خَلْقًا جَبَلُ قَافٍ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هُوَ جَبَلٌ أَخْضَرُ مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ، وَمِنْهَا خُضْرَةُ السَّمَاءِ، وَهُوَ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا إِحَاطَةَ بَيَاضِ الْعَيْنِ بِسَوَادِهَا، وَمِنْ وَرَائِهِ خَلَائِقُ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ وَخَلَقَهَا اللَّهُ لِحِكْمَةٍ، وَهِيَ أَنَّ الْحُوتَ لَمَّا اضْطَرَبَ تَزَلْزَلَتِ الْأَرْضُ، فَأَرْسَلَ عَلَيْهَا الْجِبَالَ، فَقَرَّتْ، فَالْجِبَالُ تَفْخَرُ عَلَى الْأَرْضِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ﴾ [الأنبياء: ٣١] قَالَ بَعْضُ الْمُهَنْدِسِينَ: لَوْ لَمْ تَكُنِ الْجِبَالُ لَكَانَ وَجْهُ الْأَرْضِ مُسْتَدِيرًا أَمْلَسَ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَغَطَّى الْمَاءُ جَمِيعَ جِهَاتِهَا وَأَحَاطَ بِهَا.
(عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) لِأَنَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا غَابَ عَنِ الْعُيُونِ، مِمَّا لَمْ يُعَايَنْ وَلَمْ يُشَاهَدْ، وَقِيلَ: هُمَا السِّرُّ وَالْعَلَانِيَةُ. وَالْإِشَارَةُ بِهِ أَنَّ الْعِلْمَ يَنْقَسِمُ إِلَى شَهَادَةٍ وَغَيْبٍ، فَالشَّهَادَةُ: مَا حَصَلَتْ مَعْرِفَتُهُ مِنْ طَرِيقِ الشُّهُودِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ غَيْبٌ بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهِ. (الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ) الْمُنَزَّهُ عَنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ أُنْكِرَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ فِي إِسْقَاطِ التَّشَهُّدِ مِنَ الْخُطْبَةِ، لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: «كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ»، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مَا سَبَقَ، فَهُوَ كَافٍ.
(وَصَلَّى اللَّهُ) وَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، قَرَنَ ذَلِكَ بِالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ [الشرح: ٤] قَالَ: لَا أُذْكَرُ إِلَّا ذُكِرْتَ مَعِي. وَالصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ: الرَّحْمَةُ، وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ: اسْتِغْفَارٌ، وَمِنَ الْآدَمِيِّ تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ، قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: صَلَاةُ اللَّهِ: ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ، وَصَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ: الدُّعَاءُ. (عَلَى سَيِّدِنَا) السَّيِّدُ: هُوَ الَّذِي يَفُوقُ قَوْمَهُ فِي الْخَيْرِ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ، وَقِيلَ: التَّقِيُّ، وَقِيلَ: الْحَلِيمُ، وَقِيلَ: الَّذِي لَا يَغْلِبُهُ غَضَبُهُ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ مُنْحَصِرٌ فِيهِ ﵇. (مُحَمَّدٍ) لَمَّا عَلِمَ اللَّهُ كَثْرَةَ خِصَالِهِ الْمَحْمُودَةِ، أَلْهَمَ أَهْلَهُ أَنْ يُسَمُّوهُ مُحَمَّدًا، وَهُوَ عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنَ التَّحْمِيدِ، مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَمِيدِ، وَهُوَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ بِقَوْلِهِ:
وَشَقَّ لَهُ مِنِ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ ... فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ
(الْمُصْطَفَى) هُوَ الْخَالِصُ مِنَ الْخَلْقِ، وَهُوَ خَيْرُ الْخَلَائِقِ كَافَّةً. (وَآلِهِ) . جُمْهُورُ
1 / 16