مصر کے جدید بانی کا دور محمد علی

کلی احمد شکری d. 1360 AH
44

مصر کے جدید بانی کا دور محمد علی

الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة

اصناف

وسرعان ما نهض الدليل على عدالة هذه النظرية عند أول محاولة لإدخال الطريقة الأوروبية في التمرين العسكري.

وقد حدث هذا عند عودته من الحجاز. فلقد بدأ يطبق هذا الرأي في جماعات الجنود الذين تحت إشراف أقاربه، ولكن سرعان ما رأى علامات السخف والتذمر عندما أراد توسيع هذه الطريقة وتطبيقها على الجنود الذين يقل سلطانه عليهم عنه في جماعات الجنود سالفة الذكر. وإذ ذاك أصدر الباشا إعلانا بأن كل جندي لا يميل إلى إطاعة الأوامر يمكن أن يأخذ ما يكون متأخرا له من المرتب وأن يرحل عن البلاد، على أن أحدا لم يحاول أن يفيد من هذا العرض إلى أن حدث بعد ظهر أحد الأيام أن اجترأ لفيف من الجنود في ميدان الأزبكية بالقاهرة أمام قصر الباشا وبدءوا ينهبون الدكاكين فجأة وهم يصيحون: «لا إله إلا الله.» وفي اليوم التالي انتشرت الفتنة في كافة الأنحاء وأصبحت الدكاكين والمخازن عرضة للنهب والسلب، واعتدى على الحي الفرنسي عدة مرات، وأصبح الأوروبيون لا يجرءون على الخروج من دورهم إلا بالزي التركي،

62

ومن ثم تقرر العدول مؤقتا عن المشروعات الجديدة.

على أن المقاومة بدلا من أن تضعف عزيمة محمد علي أو تصرفه عن الغاية التي وضعها نصب عينيه، جعلته يفكر فيما عسى أن يتبعه من شتى الوسائل لتنفيذ ما استقر عليه رأيه من الإصلاحات. وقد بينا فيما سبق أن بين بواعث إرسال الحملة السودانية كانت رغبته في الحصول على العدد اللازم من الرقيق الذين يمكن تدريبهم على شئون الحرب على النمط الذي يهواه، وهذا هو السر في إصدار الأوامر إلى إسماعيل لجميع العبيد السودانيين، وإرسالهم إلى أسوان على جناح السرعة، ولما لم يكن ينتظر بحال ما أن يكون أولئك السودانيون مادة صالحة لإيجاد الضباط منهم، فقد أرسل إلى أسوان للتمرس في شئون الحرب نحو 300 من رقيق المماليك، وكانوا ملكا خاصا لمحمد علي.

وقد عهد إلى الكولونيل سيف الفرنسي بالإشراف على هذه المدرسة العسكرية الجديدة، وكان الكولونيل المذكور قد تخرج من تحت السلاح، ثم شق لنفسه طريق المجد حتى استحق صليب الليجيون دونير (جوقة الشرف)، ثم اعتزل الخدمة برتبة كابتن بعد أن أبلى خير بلاء في موقعة «ووترلو». وفي سنة 1819م هبط سيف إلى مصر، وقد ملكت عليه حواسه حسن صفات الباشا وأخلاقه ورقة شمائله. وفضلا عن هذا فقد ترك دينه المسيحي واعتنق الإسلام، ولم يكن في عمله هذا شيء من الخفة والنزق الذي يقترن دائما بالمرتدين عن أديانهم، ثم صار سيف الخادم الأمين والعبد الطائع لمحمد علي. ولما أصرت بريطانيا العظمى بعد ذلك بعشرين ربيعا إلى إعادة سوريا إلى مساوئ الحكم التركي بذلت مساع عديدة مع سليمان باشا - كما كان الجنرال سيف يسمى وقتذاك - لإرشائه وحمله على التخلي عن محمد علي، ولكن لا العرض يجعله واليا على إحدى الولايات، ولا اقتناعه بخسران القضية التي يدافع عنها أثر فيه أو حوله عن ولائه، بل كان جوابه أنه مدين لمولاه لا بواجب الشكر فحسب، بل بواجب الإخلاص والتفاني الذي لا حد لهما.

63

وما من شك في أن الأعباء الأولى في إعداد النظام الجديد كانت من أصعب ما واجهه سيف في مصر طيلة حياته؛ فإن النظام العسكري تحت إشراف جندي أوروبي كان أمرا مستغربا وغير طبيعي في مصر، حتى إن حياة سيف كانت عرضة للخطر أكثر من مرة. مثال ذلك أنه بينما كان مرة منهمكا في تعليم فرقة من حملة البنادق ضرب النار إذا به يسمع صفير الرصاص فوق رأسه،

64

ويقال إنه اكتشف مرة أخرى مؤامرة بين المماليك لاغتيال حياته عندما جمعهم ليخبرهم بالمرسومات الجديدة التي تتبع في الجيش، فاضطر حينذاك أن يجرد حسامه وأن يدافع عن نفسه بمفرده، وأن يصد كل من تقدم إليه منهم.

نامعلوم صفحہ